تمتلك الكرة الأرضية نوعين من الأقطاب، الأول هو الأقطاب الجغرافية التي تعلمنا عنها في المدارس صغارا، وهنا يكون القطبان الشمالي والجنوبي لكوكب الأرض هما نقطتان ثابتتان تخرج منهما خطوط الطول لتدور حول الكرة الأرضية.
لكن هناك نوع آخر من الأقطاب لا يعرف عنه الكثيرون، وهي الأقطاب المغناطيسية، حيث تمتلك الأرض قطبا مغناطيسيا شماليا وآخر جنوبيا، وتختلف عن الأقطاب الجغرافية بأنها متحركة، وفي الواقع لقد تحرك موقع القطب المغناطيسي الشمالي بنحو 1000 كيلومتر منذ ثلاثينيات القرن الـ19.
ما الذي يعنيه أن تنعكس أقطاب الأرض؟
تحدث الانقلابات في المجال المغناطيسي للأرض على فترات طويلة تصل إلى آلاف أو عشرات الآلاف من السنوات، ففي البداية يضعف المجال المغناطيسي للأرض مع الزمن، ثم يتشتت ويصبح الكوكب متعدد الأقطاب فيفقد الثنائية المعهوده (شمال وجنوب)، وبعد ذلك تنقلب الأقطاب تماما.
فلو حدث وانقلبت أقطاب الأرض الآن فإن ذلك يعني فشل كل أجهزتنا الملاحية وعلى رأسها البوصلات، ولو كنت تائها في الصحراء الغربية المصرية مثلا ووددت استخدام البوصلة للتوجه شمالا إلى البحر المتوسط، لوجدت بعد مسيرة عدة أيام أنك عبرت الحدود السودانية جنوبا لأن البوصلة وجهتك للاتجاه العكسي.
أما بالنسبة لتأثير الانقلابات المغناطيسية على الحياة على الأرض فإنه ما زال محل جدل بحثي، فلم يرصد العلماء إلى الآن تزامنا لحالات انقراض واسعة مع انعكاس أقطاب الأرض.
إلا أن بعض المحاولات البحثية ما زالت جارية في هذا النطاق، لأن ضعف المجال المغناطيسي للأرض من المفترض أنه سيسمح بنفاذ كم أكبر من الإشعاع الشمسي الضار إلى الأرض، وبالتالي سترتفع نسب الإصابة بأمراض كالسرطان.
وإلى جانب ذلك، فإنه إذا حدث انقلاب لأقطاب الأرض في عالمنا الرقمي المعاصر، فإن ذلك سيؤدي إلى مشكلات كبرى لمنظومات الاتصال التي يقوم عليها اقتصاد العالم المعاصر كاملا، لكن المطمئن في الأمر أن العلماء يعرفون أن الانقلابات المغناطيسية تأخذ وقتا طويلا لتحدث، وهو ما يتيح الفرصة للبشر لتطوير أدوات للتكيف مع الأمر.
هل ستنقلب أقطاب الأرض قريبا؟
ازدادت مؤخرا سرعة حركة القطب المغناطيسي الشمالي من 16 إلى 54 كيلومترا سنويا، ويشير فريق من الباحثين إلى أن الأرض خلال 200 سنة مضت اختبرت ضعفا في مجالها المغناطيسي، وهو ما قد ينبئ بانعكاس مغناطيسي خلال عدة آلاف من السنوات.
لكن ذلك ليس مؤكدا بأي حال من الأحوال، لأن هذه النوعية من التغيرات حدثت من قبل ولم تترافق مع انقلابات مغناطيسية، كما أن الانقلابات المعناطيسية السابقة لم تمتلك أي نمط مرتّب يُسهل استنتاج موعدها القادم، وإلى الآن لا يمكن للعلماء عبر أي طريقة علمية أن يعرفوا بثقة متى سيحدث انعكاس الأقطاب التالي.