عرض وزيرُ البيئة في حكومة تصريف الأعمال، ناصر ياسين، خارطة طريق النهوض بقطاع النفايات الصلبة على مستوى كل لبنان، والتوجهات الاستراتيجية للوصول إلى إدارة متكاملة للقطاع خلال السنوات الثلاث المقبلة، خلال إطلاقه مشروع الحد من تلوث مياه البحر المتوسط، عبر تعزيز الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة في المدن الساحلية الذكية، والذي سيُنفّذ بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية "UN-Habitat"، ووزارة البيئة في لبنان، والمموّل من قبل وزارة البيئة في ألمانيا والمعروف بإسم "رمال".
وأشار ياسين إلى أن "قطاع النفايات المنزلية الصلبة، يُعتبر تاريخيًا، من بين قطاعات الخدمات العامة الأساسية التي عانى ويعاني اللبنانيون من سوء إدارتها منذ عقود. وفي أعقاب الأزمة المالية والاقتصادية بعد عام 2019، وما واكب ذلك من انخفاض في قيمة العملة ونقص التمويل للعمليات التشغيلية اليومية، شهد هذا القطاع تدهوراً حاداً على مستوى جميع مراحل خدمات إدارة النفايات، مما خلَف آثاراً كبيرةً على الصحة العامة وسلامة الغذاء والأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية على المستوى الوطني، كما يعاني القطاع من مشاكل بنيوية منذ ما قبل الأزمة المالية".
وقد ذكر ياسين بعض المشاكل البنيوية، افتتحها بالقسم التمويلي، حيث يعاني القطاع من غياب الفاعلية والشفافية والاستدامة المالية. أما في الإدارة والحوكمة، فلفت ياسين إلى أن "التشتت صفة مزمنة، ففي حين أن المهمة الرئيسية لتنظيم قطاع النفايات الصلبة تقع على عاتق وزارة البيئة – خاصة بعد اقرار القانون 80 في عام 2018 - تأثّر القطاع سلباً بسبب تداخل المسؤوليات بين مختلف الوزارات والهيئات والإدارات، مما أدى إلى تشتيته. وفي ما خص مشكلة الفرز من المصدر ومبادئ الإقتصاد الدائري، أوضح الوزير: "لم تضع الإدارات الحكومية ولا المحلية أسساً عملية وفاعلة لتطبيق وتنفيذ الإقتصاد الدائري، فبقى الفرز - حتى الفترة الاخيرة – شكلياً وغير كاف"، وأردفَ: "في البنية التحتية، فعلى الرغم من وجود بنى تحتية استثمرت فيها الدولة اللبنانية والمانحين تغطي معظم المناطق اللبنانية، إلا أنّ الجزء الأكبر من منظومات معالجة النفايات قد توقف بفعل أسباب شتة".
في هذا السياق، لفت ياسين إلى أنه "من هنا انطلقنا في الوزارة بالتعاون مع شركائنا في البنك الدولي والمنظمات الدولية لوضع خارطة طريق لإنقاذ وإصلاح قطاع النفايات الصلبة للأعوام الثلاثة المقبلة تقوم على ثلاث ركائز رئيسية: تطوير حوكمة القطاع، تعزيز الفرز وعملية تحويل النفايات، وتوجيه الإستثمارات الأساسية في منشآت النفايات الصلبة والبنى التحتية. وتقدم خارطة الطريق مقاربة شاملة للتحديات التي تواجه قطاع النفايات الصلبة، وتعرض الإصلاحات الأساسية والملحة وتضع سيناريوات لتأمين مستويات خدمة محلية أفضل، كما تحدد الإحتياجات المطلوبة للإستثمار والتمويل، بما في ذلك آلية تطبيق نظام استرداد الكلفة، مشدداً على أن "تعافي قطاع النفايات الصلبة واستدامته يتطلب اعتماد إصلاحات واستثمارات فورية حيث إنّ للقطاع تداعيات مهمة على الصحة العامة والإقتصاد بشكل عام. وتوفّر خارطة طريق إدارة النفايات الصلبة الإنطلاقة للإستجابة للإحتياجات القصيرة المدى من خلال إشراك الإدارات الحكومية والإدارات المحلية والمواطنين وكذلك المجتمع الدولي في تبنّي نهج متكامل لإدارة النفايات الصلبة بناءً على أولويات واضحة". وأضاف ياسين "وتُعَدّ مشاركة القطاع الخاص والمجتمعات المحلية أيضًا أولوية في اعتماد نهج الإقتصاد الدائري وتخفيف الكلفة البيئية والمالية، كما توفّر الإبتكارات في هذا القطاع دليلًا على أهمية العمل على تغيير أنماط الإستهلاك"، لافتاً إلى "أن إطلاق مشروع رمال اليوم وبدعم من وزارة البيئة الألمانية، هو خطوة جيدة باتجاه تنفيذ خارطة طريق إنقاذ إصلاح القطاع".