يعمل فريق من الباحثين على منع دخول فيروس الإنفلونزا جسم الإنسان من دون الحاجة إلى تلقي لقاحات بشكل منتظم من خلال اكتشاف جزيء فائق الفعالية.
وبحسب ما نشره موقع New Atlas نقلًا عن دورية National Academy of Sciences، اكتشف علماء في معهد سكريبس للأبحاث وكلية ألبرت أينشتاين للطب جزيئات شبيهة بالعقاقير يمكنها أن تمنع دخول فيروس الإنفلونزا A للجسم البشري ومنع أي طفرة في فيروس الإنفلونزا شديد العدوى في المرحلة الأولى من العدوى، وتشكيل مجال قوة بيولوجية تمنح حصانة على المدى الطويل.
منع العدوى
يقول الباحث إيان ويلسون، أستاذ علم الأحياء الهيكلي في معهد سكريبس: "نحن نحاول استهداف المرحلة الأولى من عدوى الإنفلونزا لأنه سيكون من الأفضل منع العدوى في المقام الأول، ولكن يمكن أيضًا استخدام هذه الجزيئات لمنع انتشار الفيروس بعد الإصابة".
تداعيات خطيرة
في الوقت الحالي، إن أفضل دفاع متاح ضد عدوى الإنفلونزا هو اللقاح الذي لا يضمن على الإطلاق عدم الإصابة بالمرض، كما أن طبيعة الفيروس وقدرته على التكيف مع كل موسم تجعل من الصعب للغاية الوصول إلى الهدف بشكل حاسم. إذا أصيب الشخص بالإنفلونزا، حتى لو كانت عدوى أخف، فإن الاستجابة المناعية الطبيعية للجسم في مكافحة الإنفلونزا يمكن أن يكون لها تداعيات خطيرة، خاصة في أولئك الذين يعانون من ضعف المناعة، أو الذين يعانون من أمراض مصاحبة، أو كبار السن.
مسار جديد
اتخذ الباحثون مسارًا جديدًا، حيث ركزوا على مثبط يشبه الدواء يستهدف بروتينًا موجودًا على سطح فيروسات الإنفلونزا A، مما يجعل من المستحيل على الجراثيم البقاء في خلايا الجهاز التنفسي حيث تبدأ عادةً هجومها.
تثبيط تام للفيروس
يعتمد الاكتشاف الجديد على أساس بحث سابق وجد أن جزيئًا صغيرًا تم تحديده باسم F0045 (S) يمكنه ربط وتثبيط فيروسات إنفلونزا H1N1. واكتشف العلماء أنه باستخدام التركيب الكيمياوي لـ F0045(S)، يمكنهم تصميم جزيئات للارتباط التام بالفيروس.
يقول الباحث دينيس وولان، من سكريبس للأبحاث: "تم البدء في تطوير مقايسة ربط الهيماغلوتينين عالية الإنتاجية التي سمحت بفحص مكتبات كبيرة من الجزيئات الصغيرة بسرعة إذ تم اكتشاف مركب الرصاص F0045 (S) بهذه العملية".
تقنية سافكس كليك
باستخدام تقنية SuFEx Click-chemistry، التي تتيح التوليف الانتقائي للجزيئات الوظيفية، والتي طورها الحائز على جائزة نوبل مرتين والباحث المشارك كارل باري شاربليس، قام الباحثون ببناء مكتبة من الجزيئات المحتملة عن طريق تعديل بنية F0045(S). في هذه المكتبة، اكتشف الباحثون جزيئين لهما أهمية خاصة، هما 4(R) و(R)6، واللذان لهما خصائص ربط أفضل بكثير.
ثم كشفت الهياكل البلورية بالأشعة السينية لهاتين الجزيئيتين المستهدفتين المرتبطتين ببروتين الهيماغلوتينين الخاص بالفيروس كيف وأين تمكنتا من الارتباط بالخلل – وكيف يمكن تحسين ذلك لاحقا.
أفضل بـ200 مرة
وقال ويلسون إنه تم إظهار "أن هذه المثبطات ترتبط بقوة أكبر بكثير مع هيماغلوتينين المستضد الفيروسي مقارنة بجزيء الرصاص الأصلي"، موضحًا أنه "باستخدام كيمياء سافكس كليك، تم بشكل أساسي توسيع قدرة المركبات على التفاعل مع الإنفلونزا من خلال جعلها تستهدف جيوبًا إضافية على سطح المستضد".
قوة أكبر مضادة للفيروسات
وتوصل الباحثون إلى أن (R)6، على وجه الخصوص، كان قادرًا على الارتباط بأمان بهدفه في مزرعة الخلايا. كما أنه كان أفضل 200 مرة من F0045(S) وكان غير سام، مما يشير إلى أن الفعالية والسلامة جعلت (R)6 مرشحًا مثيرًا للإعجاب كدواء لإحباط الإنفلونزا. كما أنه باستخدام جزئ (R)6، قام الباحثون بعدئذ بتعديل "الوصفة" لما يسمونه المركب 7، وهو جزيء يتمتع بقوة أكبر مضادة للفيروسات.
أشد مثبط للهيماغلوتينين
وقالت الباحثة سييا كيتامورا، التي عملت في المشروع بمركز سكريبس للأبحاث وهي الآن أستاذة مساعدة في كلية ألبرت أينشتاين للطب، إنه "أقوى مثبط للجزيء الصغير للهيماغلوتينين تم تطويره حتى الآن".
ويعكف الباحثون حاليًا على تحسين مثبط الفيروس المركب 7، والذي من المقرر أن يتم اختباره على نماذج الإنفلونزا الحيوانية.
إنفلونزا الطيور
ويتطلع فريق الباحثين أيضًا إلى استخدام طريقة مماثلة للعثور على هدف لسلالات أخرى من الفيروس، بما يشمل فيروس H5N1، والذي يشتهر باسم انفلونزا الطيور، والذي لديه القدرة على تشكيل تهديد كبير للبشر إذا أصبح قابلاً للانتقال بسهولة.