جدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الدعوة إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية لوقف الاستغلال الطائفي للموضوع والتفاهم على طبيعة المرحلة المقبلة على كل المستويات.
واعتبر أنّ "الأخطر من السرطان الذي يضرب مجتمعنا العائلي هو السرطان الذي يضرب جسم الوطن وهو سرطان الطائفية والمذهبية".
وشدّد على أنه "إذا لم نعالج هذه الآفة كما يلزم فإننا سنصل إلى مرحلة التفشي الكامل التي لا يمكن معالجته".
موقف رئيس الحكومة جاء خلال رعايته في السرايا اليوم إطلاق وزارة الصحة العامة الخطة الوطنية لمكافحة السرطان 2023- 2028، بدعوة من وزير الصحة العامة فراس أبيض بحضور وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية نجلا رياشي وكل من النواب: بلال عبد الله، فادي علامة، سامر التوم، أمين شري، وميشال موسى، وسفيرة إيطاليا نيكوليتا بومباردييري، سفير قطر ابراهيم بن عبد العزيز السهلاوي، سفيرة سويسرا ماريون ويشلت، منسق الشؤون الانسانية للأمم المتحدة عمران زيزا، الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، الأمين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير، رئيس التفتيش المركزي جورج عطية عدد من ممثلي البعثات الديبلوماسية، ورؤساء الجامعات والمدراء العامين ومدراء المستشفيات وهيئات الأمم المتحدة.
وقال رئيس الحكومة في كلمته: "نلتقي معاً هنا في السرايا لنتحدث عن موضوعٍ يعني كل واحدٍ منا، وهو مكافحة السرطان. فالسرطان هو واحدٌ من أكبر التحديات الصحية التي نواجهها في عصرنا الحالي. فإحصائيات المرض تظهر بشكلٍ واضح أن السرطان أصبح سبباً رئيسياً للوفيات في كل أنحاء العالم وفي لبنان بشكل خاص".
وأضاف: "يؤثر السرطان على حياة المرضى وعائلاتهم، ويشكل تحديًا كبيرًا للمجتمعات والدول. إنه مرض لا يميز بين الشباب والكبار، وبين أغنياء وفقراء. ولذلك، يجب أن نتحد جميعاً لمكافحة هذا العدو المشترك. لقد شهدنا تقدمًا في علاج السرطان وزيادة في نسب الشفاء، وذلك بفضل العلاجات المبتكرة. كما أن التقنيات الحديثة في التشخيص المبكر تمكن من اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة، مما يزيد فرص العلاج الناجح".
كما أردف قائلاً: "إلى جانب التقدم العلمي، يلعب الوعي العام والتثقيف دورًا حاسمًا في مكافحة السرطان. والهدف من كل هذه الخطة التي نحن في صددها اليوم زيادة وعي اللبنانيين لاهمية الكشف المبكر والوقاية من السرطان، وضرورة اتباع نمط حياة صحي وتجنب العوامل الخطرة".
وتابع ميقاتي: "السرطان هو قضية وطنية وليست صحية فقط، كما أن مكافحته تتطلب تعاونًا بين العديد من الوزارات مثل الصحة والزراعة والبيئة والتعليم والعمل والصناعة والداخلية، لا يمكن أن يكون خطة السرطان فعالة إذا لم تكن هناك سياسة حكومية تتكامل فيها كافة الوزارت".
وأشار أيضاً إلى "أنه تم اقتراح العديد من التشريعات والسياسات الوقائية للسرطان، ولكن للأسف لم يتم تنفيذها، وإنطلاقاً من هذه الخطة نتحمل المسؤولية جميعاً كحكومة ومجلس نيابي بالإسراع في إزالة كافة العقبات الموجودة والمضي قدمًا في التشريعات المقرة أو التي يجب إقرارها".
وأشار إلى أن "هذه الخطة الوطنية تشكل بارقة أمل لمرضى السرطان ، فهي لا تطرح الحلول لكيفية الوصول إلى الاستشفاء والدواء فقط، بل أيضاً تطرح تغيير النمط التصوري للسرطان على مستويات عدة بدءًا من الوعي والتشخيص المبكر، وصولاً إلى العلاجات الطبية والتلطيفية".
بدوره، قال وزير الصحة فراس أبيض في كلمته: "نتوجه بهذا الجهد، لمرضى السرطان في لبنان، ولعائلاتهم، وأصدقائهم، ومجتمعهم، السرطان ، كما نعلم جميعاً، هو خصم هائل. إنه لا يؤثر فقط على الأفراد المصابين بهذا المرض لكن أيضاً على عائلاتهم وأصدقائهم ونسيج مجتمعنا بأكمله. إن المعركة مع السرطان تتجاوز الصراع على مستوى الفرد المصاب، إلى التأثير على النظام الصحي والاقتصاد والرفاهية العامة".
وأضاف:" يشكل مرض السرطان في لبنان عبئاً كبيراً، يساعد في ذلك انتشار المسببات مثل آفة التدخين والتي تطال 50-70٪ من المواطنين، والتلوث البيئي، وغيره، ويسجل لبنان واحدة من أعلى معدلات الإصابة ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان الرئة والمثانة، والسرطانات المرتبطة بالتدخين".
وتابع: "وفقاًِ لمنظمة الصحة العالمية، فإن متوسط عمر تشخيص الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء اللبنانيات هو أصغر بعشر سنوات من متوسط عمر تشخيص الإصابة عند نظرائهن الأوروبيات".
وأضاف: "لقد تسببت الأزمة المالية وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان بنقص في تأمين أدوية السرطان، بل انقطاعها في مرحلة معينة. وبالرغم من تضاؤل الملاءة، لا تزال الحكومة مستمرة في دعم أدوية السرطان والأمراض المستعصية، وقد قامت وزارة الصحة بمعالجة النقص عبر تطبيق "برنامج أمان" وتتبع الدواء، والذي بدأ بتسعة أدوية ويشمل اليوم حوالى ثلاثمئة دواء للأمراض السرطانية والمستعصية، وقد تم تسجيل أكثر من 12500 مريض ، حصلوا على أكثر من 25000 عبوة من أدوية السرطان".
ولفت إلى أن "المعركة مع السرطان ستتطلب الكثير من الموارد في وقت الشح والعوز، وخاصة اذا كان التركيز ينحصر بالجانب العلاجي. هذا يفسر الحاجة إلى ضرورة مقاربة مجالات أخرى لرعاية مرضى السرطان مثل الوقاية والفحص المبكر والرعاية التلطيفية وإعادة التأهيل".
وتابع: "اليوم، أقف أمامكم بصفتي وزيراً للصحة العامة في لبنان لمناقشة مسألة ذات أهمية قصوى - أهمية وجود خطة وطنية لمكافحة السرطان".
وأكد أن "مجتمعنا يواجه تحدياً ملحاً يتطلب اهتمامنا الفوري وجهودنا المتضافرة. يجب أن ندرك الحاجة الملحة لخطة وطنية للسرطان - استراتيجية شاملة توحد جهودنا وتراكم الموارد وتمكننا من شن معركة جماعية منسقة ضد السرطان. وتكون هذه الخطة بمثابة خارطة طريق ترشدنا نحو مستقبل حيث الوقاية من السرطان والاكتشاف المبكر والعلاج ليست مجرد تطلعات بل حقيقة ملموسة".
وأشار إلى "أنّ الخطة الوطنية للسرطان توفر الأمل والطمأنينة للمتضررين من مرض السرطان. إنها تبعث برسالة قوية مفادها أننا، كمجتمع متكافل ، نقف متحدين في تصميمنا على تخفيف عبء مرض السرطان. وهي تدل على التزامنا الثابت بتحسين جهود الوقاية ، وتعزيز تدابير الكشف المبكر ، وتوسيع الوصول إلى العلاجات المبتكرة. من خلال هذه الخطة ، نقدم بصيص أمل ووعد بمستقبل أكثر إشرا ًقا لمرضى السرطان وعائلاتهم".
ورأى أن "وضع خطة وطنية للسرطان ليس خياراً بل ضرورة ملحة. إنها خطوة مهمة نحو إنشاء نظام رعاية شامل لمرضى السرطان في لبنان، يركز على المريض ويتسم بالمرونة. دعونا نتكاتف ونحشد مقدراتنا الجماعية ونبدأ في هذه الرحلة معًا.فمن خلال التراحم، والمثابرة، والعمل الاستراتيجي ، يمكننا إحداث تغيير مهم وعميق في حياة المصابين بالسرطان. إن أهم ما يمكن أن نوفره لمرضى السرطان هو العمل الجاد لايجاد أمل بمستقبل أفضل، ولعل هذا هو أيضاً ما يحتاجه، في هذه الظروف الصعبة، وطننا الحبيب. شفى الله مرضى السرطان، وكل المرضى".