لا تضرب الزلازل بطبيعتها موعداً ولا ينتظرها أحد، إلا أن زلزال "الحوز" في 8 أيلول 2023 كان مفاجئاً تماماً للخبراء والمتخصصين في هذا النوع من الكوارث الطبيعية.
ليلة 9 أيلول، هزّ زلزال بلغت قوته 7.2 درجة، بحسب المعهد الوطني المغربي للجيوفيزياء، و6.8 نقطة، وفقاً للمسح الجيولوجي الأميركي، المنطقة الجنوبية من الأطلس المغربي.
كان مركز هذا الزلزال الواسع والمدمر منطقة جماعة إيجيل، الواقعة على بعد حوالي 80 كيلومتراً جنوب غرب مراكش، وفي الساعات التالية، وقعت عدة هزات ارتدادية أخرى، أشدها بقوة 4.9 نقطة.
الزلزال الأخير في المغرب يعد الأقوى في السنوات الـ 60 الماضية، وفاقت قوته قوة الزلاال الذي ضرب منطقة الحسيمة في أقصى شمال المغرب في عام 2004، وأودى حينها بحياة أكثر من 600 شخص. هذه المرة وقعت الكارثة في جنوب شرق البلاد، وكان مفاجئة للكثيرين.
سيرغي بولينيتس، كبير الباحثين في معهد أبحاث الفضاء التابع لأكاديمية العلوم الروسية، والخبير في زلازل منطقة شمال إفريقيا وصف هذا الزلزال وتوابعه بأنها "غير عادية "، لحدوثه في صفائح لم يسبق أن رصد بها نشاط زلزالي.
الخبير لفت إلى أن الأمر غير المعتاد أن الصفائح الأفريقية والعربية أصبحت أكثر نشاطاً، وأن القارة الأفريقية تتأثر بنشاط زلزالي لم يكن ملحوظاً من قبل، وهذا الأمر غير معتاد، مشيراً إلى احتمال حدوث هزات أرضية ارتدادية أوسع في المستقبل القريب في منطقة شمال أفريقيا، تبعا لقانون "توهين" بعد حدوث زلزال قوي.
صحيفة "El Confidencial " الإسبانية روت كيف استيقظ المغرب في رعب بسبب هذا الزلزال الذي ضرب جنوب شرق البلاد وأودى بحياة نحو 3000 شخص، ووصفته أيضا بأنه "زلزال غريب"، لم يحدث في منطقة زلزالية.
الصحيفة نقلت عن خوسيه كارلوس سالسيدو، أستاذ قسم هياكل المباني في جامعة إكستريمادورا، أن الزلزال الأخير لم يحدث في منطقة معرضة للزلازل، في حين أن "المنطقة التي يرجح فيها النشاط الزلزالي توجد في شمال المغرب، حيث تلتقي صفيحتان تكتونيتان، أفريقية وأوراسية، في منطقة بحر البوران، بين ساحل ملقة وشمال إفريقيا".
الخبير الإسباني أفاد بأن المنطقة التي وقع فيها الزلزال تقع على مسافة كبيرة من تقاطع هذه الصفائح، في حين رأت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أن سبب الزلزال في هذه الحالة، كان صدعاً عكسياً على عمق ضحل في الأطلس الكبير في المغرب.
علماء الزلازل والمتخصصون في علم طبقات الأرض فسروا الدمار الهائل لهذا الزلزال بالإشارة إلى العمق الضحل للمركز السفلي، أي المكان الذي تحدث فيه الصدمة التي تولد الزلزال، وهذا العمق بحسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركي، بلغ حوالي 18.5 كيلومتراً، وبحسب المعهد المغربي، أقل من 11 كيلومتراً.
الخبير الإسباني سالسيدو يوضح أكثر قائلاً: "العمق مهم جداً. في حالة حدوث زلزال، تلعب المسافة دوراً ليس فقط أفقياً، بالنسبة إلى مركز الزلزال، ولكن عمودياً أيضاً، إنها مثل لعبة نارية بين يديك، ستسبب ضرراً أكثر من القنبلة التي انفجرت على بعد كيلومتر واحد من مكانك، تميل الزلازل العميقة إلى توليد المزيد من الطاقة والموجات الارتدادية، وبالتالي يتم تصنيفها أعلى على مقياس ريختر، لكن قوتها تتبدد عندما تبتعد عن المركز، أفقياً وعمودياً".
النقطة الهامة في حادثة الزلزال الأخير في المغرب تتمثل في الهندسة المعمارية القائمة، أو ما وصف بـ"لعنة" المباني التاريخية.
الخبير الإسباني في فنون المعمار شدد على أن المباني التاريخية في المغرب ضعيفة للغاية بسبب الجدران الطينية وطبيعة البناء، من المستحيل جعل مثل هذه المباني مقاومة للزلازل.