رسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ملامح لخريطة اقتصادية جديدة على مستوى العالم، وذلك في تصريحات غير مسبوقة أدلى بها عبر أول مقابلة مع صحافي غربي منذ حرب أوكرانيا التي بدأت في شباط من العام 2022.
ويشهد العالم تحولات اقتصادية كبرى منذ بدأت حرب أوكرانيا والتي تلتها عقوبات اقتصادية غربية على موسكو سرعان ما أدت إلى ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات تجاوزت 100 دولار للبرميل، كما أدت إلى ارتفاع أسعار الغاز مع انتشار المخاوف منذ ذلك الحين من حدوث أزمة إمدادات قد تضرب القارة الأوروبية.
وفي المقابلة التي أجراها بوتين مقدم البرامج الأميركي المعروف تاكر كارلسون تطرق إلى العديد من الملفات السياسية والاقتصادية وأثار موجة من الجدل في الولايات المتحدة وفي وسائل الإعلام الغربية، فيما كانت المقابلة هي الأولى التي يتحدث فيها بوتين إلى صحافي غربي منذ الحرب على أوكرانيا.
وأجرى كارلسون المقابلة التي استغرقت 127 دقيقة مع بوتين يوم الثلاثاء السادس من شباط الحالي لكنه بثها يوم الخميس الماضي الثامن الشهر الجاري، وسرعان ما أثارت جدلاً واسعاً وأبدى بعض الأميركيين والأوروبيين غضبهم من مضمونها.
وقال بوتين إن ظهور عالم متعدد الأقطاب، من أجل مزيد من التعاون والمسؤولية المشتركة أمر لا مفر منه، كما اتهم الولايات المتحدة بتفجير خط أنابيب "نورد ستريم" في بحر البلطيق، مشيراً إلى أن واشنطن هي التي لديها الدافع لتفجير الخط وليس روسيا.
ويكشف حديث بوتين بشكل واضح عن طموح بوتين لتشكيل عالم مختلف من الناحية الاقتصادية ينهي الهيمنة الأميركية على الاقتصاد العالمي، ويجعل روسيا شريكاً في اللعبة الاقتصادية على المستوى الدولي.
وبعد يوم واحد من مقابلته مع كارلسون أعلن بوتين أن أكثر من نصف مليون روسي انضموا للعمل في صناعة الدفاع منذ عام 2022. وقال خلال منتدى مخصص لدعم الحرب في أوكرانيا إنه "على مدى العام ونصف العام الماضيين، تم إحداث 520 ألف فرصة عمل جديدة في صناعة الدفاع".
ومنذ العام 2022 أعادت روسيا توجيه اقتصادها بالكامل نحو صناعة الأسلحة وزادت إنتاجها، رغم العقوبات التي فرضها الغرب والتي تهدف خصوصا إلى عرقلة تصنيع الذخائر والأسلحة.
وتمكنت موسكو من الالتفاف على بعض العقوبات، والحصول مثلاً على الإلكترونيات الدقيقة التي تحتاج اليها، وخصوصاً من آسيا.
وأقرت الحكومة الروسية زيادة هائلة تناهز 70% في الميزانية الفدرالية المخصصة للدفاع في العام 2024، لكن التركيز على قطاع الدفاع الذي يوفر رواتب مرتفعة، بالإضافة إلى تعبئة مئات الآلاف من الرجال وفرار عدد كبير منهم إلى الخارج، أدى إلى نقص العمالة في قطاعات مثل البناء والزراعة.
وأوضح فلاديمير بوتين أن روسيا لديها "ستة آلاف شركة تابعة للمجمع الصناعي الدفاعي، توظف 3.5 ملايين شخص"، دون احتساب "10 آلاف مقاول متعاقد".
وتطالب أوكرانيا الغرب بـ"كبح" إنتاج الأسلحة في روسيا، مؤكدة أن 95% من "المكونات الأجنبية الضرورية" المستخدمة في الأسلحة الروسية تنتجها شركات غربية.