يشعر ملايين الشباب الصينيين العائدين إلى المناطق التي يتحدرون منها للاحتفال بالسنة القمرية الجديدة، بالقلق من الأسئلة المحرجة التي سيواجهونها خلال العشاء العائلي.. لكن هذه السنة، ستنقذهم لعبة تستند إلى الذكاء الاصطناعي من مواقف مماثلة.
"هل أنت مرتبط؟"، "متى ستتزوج؟"، "كم جنيت من الأموال هذا العام؟".. عيّنة من أسئلة المحاكاة التي تُطرح في هذه اللعبة التي طورتها مجموعة طلاب في خلال 24 ساعة فقط أثناء منافسة في ما بينهم.
ولمناسبة دخول الصين عام التنين السبت، يهرع الملايين من السكان إلى وسائل النقل العام في هذه الفترة بغية لمّ الشمل مع أحبائهم والاحتفال بالحدث مع العائلة.
ويبدو واضحاً أن اللعبة التي تحمل اسم "إبيك شوداون: نيو يير ريونيون" Epic Showdown: New Year Reunion، والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي لمحاكاة "الاستجواب" التقليدي الذي يخضع له الشباب من عائلاتهم، قد حققت الهدف: فقد استخدمها أكثر من ثلاثة ملايين شخص في الأسبوع الذي طُرحت فيه في أواخر يناير، حتى إن هذه الشعبية الكبيرة تسببت بتعطل خوادم المعلوماتية الخاصة باللعبة.
ويقول وانغ زيوي (21 عاماً)، وهو أحد صانعي اللعبة "في البداية، اعتقد الجميع أنها لعبة لتشويه سمعة العائلة.. ولكن بعد ذلك أدرك الناس أن بإمكانهم استخدامها لمعرفة كيفية التواصل مع أحبائهم وإسعادهم".
وتضمّ اللعبة بين شخصياتها عشرة أفراد من العائلة، يختلفون في ما بينهم على صعيد درجة التطفل في الأسئلة.
قد يُطلق على اللاعب وصف "الأناني" أو يُتّهم بـ"التخلي عن الأسرة" إذا اعتُبرت ردوده فجّة للغاية أو غير مُرضية في ما يتعلق بالعمل أو بمشاريع الزواج. لكنّ العمّات الافتراضيات في اللعبة يسدين أيضاً نصائح مثل "كن حذراً أثناء القيادة" أو "ابقَ دافئاً".
وتقدّم اللعبة مستويات مختلفة، يتعين على اللاعبين خلالها الصمود في وجه أسئلة ثمانية أعمام وعمّات قبل الوصول إلى المستوى الأصعب، وهو مستوى الوالدين.
"قليل من الإنسانية"
بالنسبة لوانغ زيوي، تتركز فكرة اللعبة قبل كل شيء في تعزيز التواصل بين الأجيال.
ويقول: "نأمل في إضفاء قليل من الإنسانية للشباب خلال العام الصيني الجديد ومساعدتهم على فهم حبّ ذويهم لهم واهتمامهم".
وتشكّل اللعبة أيضاً وسيلة تنفيس للبعض، لإخبار أسرهم، افتراضياً، بما يفكّرون فيه حقاً.
ويقول مسؤول المنتجات شي هونغ جي: "تقليدياً، لا يمكنك التعبير عن نفسك بحرية.. ما يزيد مشاعر الضيق التي يمكن أن تنفجر بسهولة يوماً ما. الآن، بات في إمكاننا إخراج مكنوناتنا بواسطة الذكاء الاصطناعي، ما يسهّل التحدث مع العائلة عندما نعود إلى المنزل".
ويشير بعض المستخدمين إلى أنهم فوجئوا بالجانب الواقعي للعبة.
وكتب أحدهم على شبكة التواصل الاجتماعي "شاوهونغشو" Xiaohongshu، وهي أشبه بنسخة صينية من إنستغرام: "بعد ثماني جولات من الأسئلة، أتصبب عرقاً" من كثرة التوتر.
ويلمس آخرون مشاعر جديدة في هذه التجربة، إذ وجد أحدهم الراحة مع "والدته" الافتراضية، قائلاً "لا أستطيع العودة إلى محافظتي هذا العام، ما جعلني أشعر بالتأثر".
كما روى لاعب توفي والده قبل 14 عاماً، أنه بكى طوال الليل بعد تجربة اللعبة، بحسب ليو لينفينغ، وهو رئيس مجموعة الطلاب الذين ابتكروها. ونقل يو عن اللاعب قوله "لقد مرّ وقت طويل منذ أن أجريتُ محادثة مماثلة مع شخص قريب مني".