رقم قياسي... سكان باريس معرضون للتلوث البيئي والضوضاء

كشفت دراسة حديثة حول البيئة أن ما يقرب من 9.7 مليون نسمة من سكان العاصمة الفرنسية يعانون من مستويات عالية من تلوث الهواء، ومن الضوضاء التي تتجاوز بكثير توصيات منظمة الصحة العالمية.

ففي أول خريطة مشتركة لهيئتي Airparif وBruitparif تبيّن أن حوالي 80% من سكان منطقة باريس ومحيطها يتعرضون لهذا التلوث البيئي الناجم عن حركة السيارات والطائرات على الطرق الرئيسية في باريس وبالقرب من مطاري شارل ديغول وأورلي.

وتعتبر منطقة باريس ومحيطها الأكثر اكتظاظاً بالسكان في فرنسا، وهي تواجه مؤخراً تحديات بيئية مزدوجة تتمثل في تلوث الهواء والضوضاء.

وتكشف الخريطة الجديدة أن 86% من سكان مدينة باريس وضواحيها يعانون من الضوضاء المتعلق بالنقل وتلوث الهواء أو كليهما.

يكشف الرسم البياني في الدراسة أن 487 ناحية، أي 38% من بلديات منطقة العاصمة الفرنسية ومحيطها، تتعرض بشكل خاص لهذين النوعين من التلوث. أكثر من نصف سكان هذه البلديات يتعرضون لنوعية الهواء التي تعتبر "متدهورة" ومستويات الضوضاء التي تعتبر "كبيرة". وتتركز معظم هذه البلديات في ما يسمى بقلب باريس، والضواحي القريبة منها، وخاصة تلك الواقعة بالقرب من مطاري شارل ديغول وأورلي.

أضرار التلوث على الصحة

يتعرض 850 ألف شخص، أي حوالي 7% من سكان باريس وضواحيها، لمستويات عالية من تلوث الهواء والضوضاء تتجاوز الحدود المسموح بها. هذا التعرض المزمن يؤثر بشكل كبير على الصحة العامة، مما يؤدي إلى زيادة حالات أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، إضافة إلى ارتفاع معدلات الوفاة المبكرة.

وتشير الدراسات إلى أن التعرض الدائم لأكسيد النيتروجين (المنبعثة من حركة السيارات على الطرق وخاصة تلك العاملة بالديزل) يمكن أن يؤدي إلى تراجع متوسط العمر المتوقع وزيادة الوفيات، حيث يرتبط بما يقرب من 8000 حالة وفاة مبكرة سنوياً في باريس وضواحيها.

أما التلوث الضوضائي، فهو يسبب اضطرابات النوم ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، كما يقلل من القدرة على التعلم. يُعتبر التلوث الضوضائي ثاني أكبر سبب للمرض في أوروبا بعد تلوث الهواء، وتقدر تكلفته الاجتماعية بحوالي 43 مليار يورو سنوياً لمنطقة باريس وضواحيها وحدها.

الحاجة إلى حلول مستدامة

تؤكد هذه الدراسة أن حركة السيارات هي المصدر الرئيسي للتلوث في المنطقة، مما يبرز الحاجة إلى تطوير وسائل النقل العام وتخطيط حضري مختلف يقلل من الحاجة إلى النقل الشخصي.

وعلّق أوليفييه بلوند، رئيس Bruitparif، بأن هذه الخريطة المتقاطعة تتيح فهماً أفضل لتأثير التلوثين على الصحة العامة وتساعد في وضع استراتيجيات للحد من هذه الأضرار.

من جهتها أكدت كارين ليجيه، مديرة Airparif، على أهمية تقليل الإزعاج المتعلق بتلوث الهواء والضوضاء لتحسين نوعية الحياة في المدينة. وأوضحت أن الخرائط الجديدة ستساعد المجتمعات المحلية في باريس وضواحيها على متابعة تأثير التدابير المتخذة على جودة الهواء والضوضاء، وتحديد المناطق الأكثر تعرضاً لاتخاذ التدابير الوقائية اللازمة.

المناطق الأقل تلوثاً

رغم هذه التحديات، تحدد الخريطة أيضاً 316 بلدية في محيط باريس يتم فيها تجنيب جميع السكان تقريباً تلوث الهواء والضوضاء، مع مستويات قريبة من توصيات منظمة الصحة العالمية. هذه المناطق تمثل نقاطاً مضيئة في التحدي البيئي الذي تواجهه المنطقة، وتبرز أهمية التخطيط البيئي الدقيق والتدابير الوقائية في تحسين جودة الحياة للسكان.

في النهاية، فإن تسليط الضوء على التحديات البيئية الكبيرة التي تواجه سكان العاصمة الفرنسية ومحيطها بسبب تلوث الهواء والضوضاء أمر في غاية الأهمية خاصة بالنسبة للجهات التي ترصد تأثيرات التلوث على صحة الإنسان. ومع تزايد الأدلة على الآثار الصحية الضارة، يصبح من الضروري اتخاذ خطوات جادة لتطوير بنية تحتية مستدامة وتخطيط حضري يقلل من هذه المخاطر، ويضمن بيئة صحية ومستدامة للأجيال القادمة.