ارتفاع نسبة الجرائم "العائلية".. ما علاقة المخدّرات؟

شَهِدَ لبنان في السنوات الثلاث الأخيرة جرائم قتل متنوعة، ارتفعت بشكل خيالي وصادم، وسط قلق يتغلغل في يوميات الشعب اللبناني مع تصاعد الأزمة الاقتصادية في البلاد، وتدهور الظروف الاجتماعية والمالية للمواطنين. فما هي الأسباب التي تدفع الفرد لارتكاب جريمة؟ وهل من حلول؟

 بعدما زعزع الانهيار ركائز العيش الأساسية ساد العنف، وامتد بين أفراده المجتمع نتيجة فقدان الحاجات الحياتية الأساسية.

 إلا أن اللافت، ازدياد نسبة الجريمة الموجّهة نحو أفراد الأسرة والأقرباء، الأمر الذي طرح علامات استفهام حول الجرأة لارتكاب هكذا نوع من الجرائم، حيث كثرت الترجيحات بشأن علاقة تعاطي المخدرات بالجريمة، لاسيما بعد انتشار أنواع مخدرة جديدة ورخيصة في الأسواق اللبنانية ومن شأنها تذهب العقل وتدفع متعاطيها لارتكاب أبشع أنواع الجرائم من دون وعي.

وفي الإطار، وضَّح الباحث الاجتماعي الدكتور عبد الحميد عزو، في حديث لموقع "بلوبيرد" أن أسباب ارتكاب الجرائم نفسية اقتصادية، واجتماعية، أي جميع المشاكل التي طرأت على اللبنانيين والتي ذكرت سابقاً.

ولفت عزو إلى أن تعاطي المخدرات أحد الأسباب المهمة لكنه غير أساسي، مشيراً إلى أن "هناك دور مهم جداً للدولة اللبنانية، إذا ما تم تطبيق أقصى العقوبات بحق المجرمين بهدف ردع الآخرين عن ارتكاب مثل هذه الجرائم".

ورأى أنه "إذا نظرنا على مستوى الماكرو سنجد أن إهمال الدولة للشعب وتخليها عن أدوارها الرعائية، وتخلفها عن تأمين حياة صحية واقتصادية واجتماعية سليمة لمواطنيها هو السبب الأكبر المؤدي لارتكاب هذه الجرائم وانتشارها بشكل كبير في المجتمع اللبناني".

وبشأن الحلول، أوضح أن "هناك عدة برامج توعوية عن أخطار الإدمان وتعاطي المخدرات، إضافة إلى الجمعيات التي تقوم بدورها لناحية الحد من انتشار المخدرات. وأضاف: "الأجهزة الأمنية تقوم مشكورة بدور كبير في القبض على التجار والمروجين. وكذلك الأمر بالنسبة للعنف الأسري".

 وبالرغم من تزايد نسبة الجرائم في لبنان في الآونة الأخيرة، إلا أن إحصائيات تقرير قوى الأمن سجل انخفاضاً في جرائم القتل مع بداية العام 2023 نسبةً لجرائم العام 2022. حيث أعلنت قوى الأمن في كانون الثاني-نيسان2022، 59 قتيلاً ، وفي كانون الثاني-نيسان 2023، 47 قتيلاً. 

 من جهتها، أكدت الدكتورة أميرة نصر الدين (مسؤولة برنامج الحماية من المخدرات بوزارة الشؤون الاجتماعية )، أن "المخدرات ترشد المدمن لارتكاب الجريمة، لكن هناك عامل نفسي دفعه لذلك". 

ولفتت في حديث لـ " بلوبيرد" إلى أن هناك "٦٠٪ من المدمنين دفعهم الوضع النفسي للتعاطي".

وتابعت: "المدمن يتصرف بشكل غير طبيعي، ويقوم بإيذاء نفسه فلا يصعب عليه أذية الآخرين".

كما أفادت بأن الإحصاءات تشير إلى أن "77% من الموقوفين هم من متعاطي المخدرات، وبالتالب ليس بغريب ارتفاع معدل الجريمة والإرهاب" .

واعتبرت ناصرالدين أن "فساد وغياب الدولة عن تنفيذ دورها على صعيد المكافحة ساهم في زيادة نسبة الإجرام".

إذاً، الحلول والقوانين لبناء وطن خال من الفساد والكراهية حاضرة، لكن الدولة غائبة عن التنفيذ بحزم وجديّة، وهذا ما يجعل المجرم يتمّم جريمته بسهولة.