لم تسلم السينما من تداعيات جائحة كورونا التي أوقفت العمل في كل القطاعات على صعيد العالم. إلّا أنها استطاعت، بعد السيطرة على الجائحة، وخلال فترة قياسية، فتح باب تنافس جديد ذات منحى إيجابي في إنتاج الأفلام، حيث بدأ عالم السينما يستعيد عافيته.
وفي إطار التنافس الربحي، الذي عاد إلى الواجهة عالمياً، كان لافتاً تحقيق فيلم "المهمة المستحيلة" للممثّل العالمي توم كروز الذي صدر مؤخّراً، ربح ناهز الربع مليار دولار في أول 5 أيام من عرضه في صالات السينما. وبالرغم من هذه الانطلاقة القويّة، سجل الفيلم انخفاضاً ملحوظاً بمعدّل 64% من الأرباح، وذلك في الأسبوع الثاني من عرضه، ويعود السبب إلى صدور ثنائية "باربنهايمر" التي استحوذت على شباك التذاكر، بعدما تم عرض الفيلمين في الوقت نفسه.
في هذا السياق، اعتبر الناقد السينمائي الياس دمّر، في حديث خاص لموقع "بلوبيرد لبنان" أنّ "الفيلم حقّق نجاحاً كبيراً وعالمياً، لاسيما بفضل الشاشات الكبيرة التي عرض عليها، توازياً مع النجاح الباهر لثنائية باربنهايمر التي حقّقت حوالي مليار دولار عالمياً في غضون 10 أيام".
ورأى دمّر أن "الضجّة الكبيرة التي حقّقتها ثنائيّة فيلم باربنهايمر في عالم السينما، تعود لكون "باربي" أيقونة يحبها الجميع على حد سواء، فمن الطبيعي أن يحصد هذا النجاح ويخطف أضواء غيره من الأفلام".
بالمقابل، إن "فيلم توم كروز لم يفشل، إلّا أنه دخل مواجهة جداً شرسة، وبالتالي لم يحصد النجاح الكافي"، بحسب تعبير دمّر.
وتوضيحاً لهذا الفارق في النجاح بين الفيلمين، شدد دمّر على مسألة "توافر عناصر أساسية لتفوّق فيلم على حساب أفلام أخرى من ناحية الاستقطاب الجماهيري، أبرزها الصالات أو الشاشات الضخمة ذات الصوت المميّز التي تغمر المشاهد بالصوت والصورة لتبرز جمالية الفيلم وتعطيه صورة أنقى"، مذكّراً بأن أسعار التذاكر في هذه الصالات ضعف تلك المخصّصة للصالات العادية، لكنها غير موجودة في جميع الدول. لذلك، فإنّ مخرج فيلم أوبنهايمر، برأي دمّر، "كان يسعى دائماً لعرض أفلامه في مثل هذه الصالات، حيث سيطرت أفلامه، وهذا العنصر كان العامل الأساسي لبروزه أكثر من فيلم توم كروز".
ويستفيض دمّر في شرح أسباب هذا التفوّق، بالإشارة إلى أنّ "فيلم المهمة المستحيلة هو الجزء السابع، مقابل ثنائية فيلم غير مسبوق عرضها في تاريخ السينما بهذا الأسلوب الضخم والكبير، وبالتالي، من الطبيعي أن يختار الجمهور ويُفضّل مشاهدة أيقونة الدمى "باربي" على فيلم بجزئه السابع".
كما لفت إلى أن "توم كروز سيطر العام الماضي على شاشات السينما لحوالي الخمسة أشهر٬ ممّا جعله يحقق نجاحاً لافتاً، حيث كان هناك تعطش لأفلامه، إلا أن منافسيه هذا العام خطفوا الأضواء منه"، معتبراً أنّ "التميّز في الأفلام لا يحصل كل سنة، وهناك فترة هدوء ما قبل العاصفة، وهذا ما لم يفعله الممثل العالمي توم كروز".
إذاً، المنافسة في عالم السينما تحتاج إلى نفس طويل وهدوء، ومعايير تستند إليها بهدف التميّز والتفوّق، وتحقيق الشهرة، وبالتالي أعلى نسبة إيرادات، عبر استقطاب الجمهور بطريقة ذكية، وذلك بعيداً عن شهرة الممثلين أو حجم العمل التمثيليّ.