تعرّض موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للكثير من التحليلات، إذ اعتُبر كلامه إيجابي ومتماهي مع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى الحوار لسبعة أيام من شهر أيلول تليها جلسات انتخاب متتالية، فيما ذلك يتعارض مع الرفض القاطع لكل من حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب والنائب ميشال معوض.
الراعي، رأى في عظته خلال قداس الأحد الفائت أن "الحوار المدعوّون إليه نوّاب الأمّة، إذا حصل رغم التجاذبات بين القبول والرفض، إنّما يقتضي أوّلًا المجيء إليه بدون أحكام مسبقة وإرادة فرض أفكارهم ومشاريعهم ووجهة نظرهم من دون أي اعتبار للآخرين، كما يقتضي روح التجرّد من المصالح الشخصيّة والفئويّة، واعتماد الدستور واعتباره الطريق الوحيد الواجب سلوكه".
ما قاله البطريرك، دفع الكثيرين للتساؤل عن موقف بعض القيادات المسيحية المعارضة منه، وتحليلها لما يقصده في حرفية كلامه.
القوات اللبنانية ردّت على هذا التساؤل، على لسان رئيس جهاز التواصل والإعلام شارل جبور، الذي أكد في حديث لـ بلوبيرد لبنان" أن " القوات تتقاطع مع البطريرك بالمشروع الوطني الكبير"، مذكراً أن "الراعي مع الدولة والسيادة والسلاح الواحد والحياد، لكن الفريق الآخر هو فريق ضدّ الدولة مع جيشين ودولة صورية".
وأشار جبور إلى أنه تم اجتزاء كلام الراعي، موضحاً أنه "قال ما يقوله الدستور، فهو أكثر حرصاً من معظم القوة السياسية على الدستور، وهو يرفض رفضاً تاماً الانقلاب عليه من خلال تكريس عرف جديد، وهو الحوار كمدخل لانتخابات رئاسية وإلغاء دور مجلس النواب". وشرح أن "الراعي كان يقصد في كلامه أن الحوار يجب أن يحصل ضمن دورات انتخابية متتالية وليس قبل".
وعن رفضهم للحوار، أوضح جبور أن "هذا القرار يأتي انطلاقاً من مسألة لها علاقة بممارسات سابقة منذ العام 2006 إلى اليوم، حيث استخدم محور الممانعة الحوار كمسرحية لم يطبق أي شيء اتفق عليه في الجلسات، وهو يستخدمه كغطاء لمزيد من وضع اليد على الدولة اللبنانية"، معتبراً أن "هذا الفريق يتذرّع بالحوار وهو ضدّه، ينقلب على المؤسسات ويرفض تطبيق الدستور".
وأضاف: "الحوار بالنسبة إلينا هو قيمة إنسانية مطلقة، ولكن اليوم نحن نرفضه لأنه منافي للدستور الذي يقول أن الانتخابات الرئاسية تحصل في البرلمان من خلال دورات انتخابية متتالية", ومعرباً عن "خشية كبيرة ممّا يمارسه محور الممانعة من خلال تكريس هذا العرف، فتحصل الانتخابات الرئاسية بعد 6 سنوات أيضاً عن طريق الحوار، ما يعني إلغاء دور مجلس النواب واقتراع الناس". كما رأى أن دعوة الرئيس برّي "انقلابية على الدستور".
مع رفض "القوات" والكتائب للحوار، لا تزال مبادرة بري محل رصد ودراسة لدى الأوساط السياسية، التي ينتظر بعضها أن تتحول الدعوة إلى رسمية مع جدول أعمال واضح، ليُبنى على الشيء مقتضاه.