سمحت روسيا لناقلات النفط غير المعززة بالإبحار عبر طريق بحر الشمال الجليدي للمرة الأولى، مما أثار مخاوف بشأن وقوع تسرب كارثي في القطب الشمالي، وفق تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز".
وفي آب، حصلت ناقلتان على الإذن بالقيام برحلة بطول 3500 ميل على طول الساحل الشمالي لروسيا، على الرغم من أنهما لا يطلق عليهما اسم ناقلات "الطبقة الجليدية" المعززة لتحمل الظروف الجليدية.
وفي أوائل أيلول، أبحرت السفن ذات الهياكل الرقيقة إلى الصين، حيث تحركت واحدة منها عبر أخطر الممرات الجليدية على كوكب الأرض لأول مرة.
وقال تشارلي كرونيك، من منظمة السلام الأخضر في المملكة المتحدة: "لا يمكن التنبؤ بالجليد البحري، ومن الصعب للغاية صيانة الطرق".
وأشار إلى أن "استخدام ناقلات النفط من النوع غير الجليدي يجعل احتمال وقوع حادث أسوأ بكثير".
وفي السنوات الأخيرة، أشادت موسكو بطريق بحر الشمال، الذي يقع بالكامل داخل مياه القطب الشمالي، باعتباره يوفر طريق شحن أقصر إلى الصين.
وتأتي هذه الخطوة للسماح للناقلات غير الجليدية بالسير على هذا الطريق في الوقت الذي أضرت فيه العقوبات الغربية المتعلقة بغزو روسيا لأوكرانيا بقدرة موسكو على جلب نفطها إلى السوق.
وعلى طريق بحر الشمال، ترغب روسيا في نهاية المطاف في الاستحواذ على جزء من التجارة الدولية في مياهها، وخصوصاً الحاويات الصينية، ولكن البنية التحتية في المنطقة ما زالت بحاجة إلى مزيد من التطوير، ناهيك عن أن موسكو تواجه في هذه المنطقة القطبية أطماع قوى أخرى، وفق وكالة "فرانس برس".
وقد بدأت روسيا بالفعل في استخدام طريق بحر الشمال بشكل متكرر لتقليص الوقت اللازم للإبحار إلى الأسواق الآسيوية. حسبما تشير "فايننشال تايمز".
وتستغرق الرحلة النموذجية من ميناء بريمورسك شمال روسيا إلى الصين عبر قناة السويس 45 يوماً، وباستخدام الطريق البحري الشمالي تتقصل هذه المدة بمقدار 10 أيام.
وقال فيكتور كاتونا، كبير محللي النفط الخام في شركة كبلر، إن روسيا يمكن أن توفر ما يقدر بنحو نصف مليون دولار لكل رحلة.
وفي العام 2022، قامت ناقلة واحدة فقط، وهي "فاسيلي دينكوف" بنقل النفط الخام الروسي عبر هذا الطريق إلى الصين.
ومع ذلك، في العام 2023، توجهت 10 ناقلات إلى الصين، وفقا لبيانات تتبع السفن من شركة "كبلر".
والجمعة، أعلنت شركة غازبروم الروسية العملاقة، أنها سلمت الغاز الطبيعي المسال إلى الصين لأول مرة عبر طريق بحر الشمال في القطب الشمالي، والذي صارت الملاحة فيه أسهل بسبب ذوبان الجليد الناجم عن الاحتباس الحراري، حسبما ذكرت "فرانس برس".
وقد سمحت "روساتوك"، وهي الوكالة الروسية التي تنظم طريق بحر الشمال، للسفن غير الجليدية بالإبحار على الطريق في فصلي الصيف والخريف، وذلك في الفترة من تموز إلى منتصف تشرين الثاني.
وقالت روساتوم إن "ظروف الملاحة المحسنة في أشهر الصيف والخريف تسمح للسفن غير الجليدية بالعمل بأمان"، مضيفة أن جميع السفن تخضع لعمليات تفتيش صارمة.
وأكدت أن الاعتبارات البيئية "كانت وستظل على رأس أولويات روساتوم"، حسب صحيفة "فايننشال تايمز".
وقال خبراء الشحن إن الناقلات "غير المعززة" يمكنها نظرياً الإبحار عبر طريق بحر الشمال خلال شهري أيلولوتشرين الأول، عندما تكون الكتلة الجليدية في أضعف حالاتها بعد أشهر الصيف الدافئة.
ولكن لا تزال هناك مخاطر كبيرة لأن الجليد الطافي يمكن أن يحاصر السفن ويحتمل أن يسحق الهياكل غير المعززة.
وقال سيجورد إنج، كبير مستشاري الشحن وقضايا القطب الشمالي في مجموعة بيلونا البيئية، إن الخطر "شديد للغاية".
وحتى الآن، روسيا هي المصنعة والمشغلة الوحيدة لكاسحات الجليد النووية في العالم، لكن الصين أبدت رغبتها في بناء أسطولها منها.
وعززت روسيا وجودها العسكري في القطب الشمالي قبل الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط 2022.
وقامت بإعادة تأهيل قواعد الحقبة السوفياتية ونشرت أسلحة وأنظمة مضادة للطائرات من طراز S-400 في المنطقة التي تضم احتياطيات هائلة من الهيدروكربونات ويمكن أن تشكل طريقاً بحرياً رئيسياً بين أوروبا وآسيا بسبب الاحتباس الحراري وذوبان الأنهر الجليدية، حسب "فرانس برس".