على وقع التوتّر المستمرّ جنوباً، وخطورة توسّع رقعة المواجهات، يُقبل لبنان على احتمالية شغور جديد، بعد العاشر من كانون الثاني، تاريخ بلوغ قائد الجيش العماد جوزيف عون السنّ القانونية، تحت وطأة الفراغ الرئاسي والتباين في وجهات النظر لدى الكتل النيابية. ففي حين يرى البعض بالتمديد للقائد الحالي مخرجاً للأزمة، يلقى هذا الطرح رفضاً قاطعاً من البعض الآخر، فيما لا يزال رفع السن القانونية بقانون يُواجه اعتراض القوى المسيحية المقاطعة للجلسات التشريعية.
وعلى الرغم من خرق رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل للجمود السياسي الحاصل منذ فترة، عبر جولة اللقاءات التي قامَ بها على بعض المسؤولين، إلّا أنَّ موضوع قيادة الجيش لم يأخذ حيزاً وافراً من الاهتمام، وبالتالي بدا باسيل متريّثاً لناحية البحث باقتراح التمديد، بحجة أنَّ لدى قائد الجيش 3 أشهر بعد قبل إحالته إلى التقاعد.
موقف باسيل قابله إشكال في اللقاء الوزاري الأخير، إذ أحالَ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كتاباً إلى وزير الدفاع موريس سليم، طالباً منه إيجاد مخرج لموضوع الشغور في المؤسسة العسكرية، إلّا أنَّه جوبه بالرفض وباعتباره "غير مألوف".
وفي معرض استعراض منصّة "بلوبيرد لبنان" لمواقف الكتل، أكّد النائب مارك ضو "استمرار مقاطعة أيّ جلسة تشريعية في ظلّ الفراغ الرئاسي، وبالتالي عدم المشاركة في حال تمّت الدعوة لبحث اقتراح القانون لتمديد سنّ التقاعد عبر المجلس النيابي"، عازياً السبب إلى أنَّ "الأولوية اليوم هي لانتخاب رئيس للجمهورية، فيما يكمن الحلّ بأن تقوم الحكومة بتعيينات وتشكيلات لتفادي الشغور"، وفق تعبيره.
وجدّد ضو تأكيد "دعم قانون رفع سن التقاعد للعسكريين، إذ إنَّ هذه القوانين معمول بها منذ 40 وحتى 50 عاماً، وبالتالي أصبح هناك تغيّراً في معدل الأعمار، إنما في هذه الظروف الحالية سنقاطع أيّ جلسة بغياب رئيس".
من جهته، رفضَ النائب أشرف ريفي في حديث لمنصّة "بلوبيرد لبنان" الشغور في المؤسسة العسكرية، باعتبارها الوحيدة التي لا تزال صامدة، مع استمرار انهيار مؤسسات الدولة، لكن لم يتم البحث بعد في الموضوع بين أعضاء الكتلة ومع الحلفاء.
هذا الأمر شدّدت عليه أيضاً النائب غادة أيوب، لافتةً إلى أنَّ "موضوع الفراغ المحتمل في المؤسسة العسكرية كما التجديد للعماد جوزيف عون لم يُبحث بعد بين أعضاء كتلة "الجمهورية القوية"، مؤكدةً أنَّ "الموضوع يدرس بعناية وجدية فائقة خصوصاً أن التعويل على قيادة الجيش كبير جداً، وبالتالي فإنَّ ملف التمديد لقائد الجيش يخضع لنقاش دقيق على أمل صدور الموقف المناسب في الوقت المناسب".
وإلى أن تتضح المواقف من التمديد أو عدمه، فإنَّ المعنيين يتقاذفون الكرة، في هذا الشأن، غير آبهين بالعواقب الوخيمة التي ستثقل كاهل الوطن المنهك من الفراغ المستشري بمؤسساته، فيما البلد على شفير الحرب.