بالرغم من الوضع المشحون في الجنوب، والتخوّف المتزايد لدى اللّبنانيين من توسّع رقعة المواجهات ودخول لبنان في متاهة الحرب، ما يشكّل خطراً حقيقياً على الوضع المعيشي والاقتصادي على حد سواء، في ظلّ غياب أيّ مقوّمات للمواجهة والصمود، وبالتالي تحميل المواطن المزيد معاناة، تفاجأ المعلمون في المدارس الخاصة بصدور قرار من قبل بعض المدراء، يقضي بعدم دفع أيّ أجر أو بدل أتعاب في حال الإقفال لأيّ سبب كان، كالحرب أو التظاهرات أو الإضراب أو انتشار الأوبئة.
وإذ شكّل هذا الإجراء امتعاضاً لدى نقابة المعلمين، التي أصدرت بدورها بياناً اعتبرت فيه أنَّ هذا الأمر منافٍ على نحو فاضح للقوانين المرعية الإجراء، ويندرج في إطار استخدام النفوذ على نحو متسلّط وغير قانوني للتنصل من دفع الراتب المستحق للمدرس، خاصة في مثل هذه الظروف الصعبة، واستحالة تأمين أيّ مدخول إضافي، لتأمين الحاجات الأساسية على الأقلّ.
وفي معرض تعليقه على القرار، رأى نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض أنَّ "مثل هذه الإجراءات مرفوضة لأي سبب كان، وتهديد المعليمن ودفعهم للإمضاء على مثل هذا المستند لجهلهم بالقانون وخوفاً على لقمة العيش، أمر مخالف للقوانين، إذ إنَّه يحقّ للنقابة الدعوة إلى الإضراب وفق القانون، ما لم يتمّ التوصّل إلى حل أو نتيجة مع أصحاب المؤسسات".
وعن مدى صحّة استيفاء الأقساط من المعلّمين عن أولادهم في المدرسة التي يعلمون فيها بدوام كامل، أكّد محفوض في حديث لمنصّة "بلوبيرد لبنان" حقيقة هذا الأمر، مشيراً إلى أنَّ "بعض "الجهابزة" يجبرون الأساتذة على الامتثال لهم، بحجة أنَّهم معفيون من القسط بالليرة اللّبنانية، وذلك لأن القانون اللّبناني لا يتعاطى بالدولار"، متسائلاً: "كيف يتمّ تحديد الأقساط واستيفائها بالدولار الأميركي إذا كان القانون لا يغطّيه، كما يدّعون؟".
وإذ رفض محفوض الإجحاف الحاصل بحقّ المعلمين، مذكراّ أنهم عملوا لمدّة 4 أعوام من دون رواتب، وسعوا دائماً للحفاظ على القطاع التعليمي، بحسب تعبيره، مؤكداً أنه "ووفقاً للمعطيات، فإنَّ مدراء المدارس الصانعة لهذا القرار تراجعوا عنه، بعد أن سجلنا موقفاً مهماً كي لا نكون أمام تمادٍ لهذه التصرّفات لاحقاً"، وشدّد على أنَّ "أي استمرار لمثل هذه الممارسات سيقابلها اللجوء إلى القضاء، وحتّى الاستعانة بوزير التربية، أمّا إذا ما تمّت الاستجابة للمطالب، حينها تكون الدعوة للأساتذة بعدم الدخول إلى الصفوف، وبالتالي الإضراب حتّى تحقيقها".
منصّة "بلوبيرد لبنان" حاولت التواصل مع وزارة التربية وبعض المعنيين للاستيضاح منها عمّا يحصل داخل بعض المدارس الخاصة، وما إذا كانت على علم بتصرّفات بعض المدراء، والإجراءات العقابية التي يمكن اتخاذها، إلّأ أنّنا لم نلقَ جواباً حتى كتابة هذا المقال، وعليه يبقى حقّ الردّ على كل ما تقدم، محفوظاً للوزارة.