أسئلة هدنة غزة

قبل تمديد الهدنة مساء مس الإثنين، حبس العالم أنفاسه في اليوم الأخير من هدنة غزة لمعرفة ما إن كانت ستمدد أم لا. لكن السؤال، وعلى أهميته الحياتية لفلسطينيي غزة، إلا أنه ليس الأبرز بالمقارنة مع الأسئلة الكبرى التي طرحها هجوم حماس في 7 الشهر المنصرم. لم يعد حضور القضية الفلسطينية سؤالاً يُطرح، حيث أجابت عنه غزة إجابة صادمة لكل من جهد لإزالته عن أجندة المنطقة. لكنها طرحت على الفلسطينيين أنفسهم مهمة جعل حقوقهم مصالح تعني الجميع، وليس الفلسطينيين وحدهم. فقد تمكن اليهود من جعل سرديات التاريخ حقوقاً لهم لم يتوجهوا بها إلى ضمير العالم، بل إلى مصالحه. واندفعت روسيا البلشفية وما كانت تمثله لليساريين في العالم، وبريطانيا المحافظة وما كانت تمثله من قيم اليمين، للدفاع عن مصالحهما في "حق اليهود بوطن". 

من بين الأسئلة الكثيرة المتعلقة بتفاصيل الهدنة وتبادل الرهائن الإسرائيليين والمساجين الفلسطينيين، والتي تصدرت عناوين مواقع الإعلام في العالم، فرض نفسه السؤال بشأن القضية الفلسطينية، وإن لم يتصدر الأسئلة الأخرى. فقد نشرت صحيفة الإزفستيا الروسية المخضرمة في 25 الجاري نصاً تساءلت فيه لماذا أخذوا يتحدثون في أوروبا عن فلسطين المستقلة. نقل كاتب النص Semyon Boykov عن خبراء تحدث إليهم قولهم بأن إقامة دولة فلسطينية مستقلة مسألة بالغة الصعوبة اليوم. ونظراً للواقع السياسي الحالي، فإن هذا غير مرجح، لأن قضية اللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية ووضع القدس لم يتم حلها بعد. وكانت مدريد قد دعت لإقامة دولة فلسطين المستقلة. وفي 23 – 24 الجاري توجه رئيسا وزراء إسبانيا Pedro Sanchez  وبلجيكا Alexander De Croo في جولة على الشرق الأوسط لمناقشة تسوية الصراع وإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. ويؤكدون في البرلمان الأوروبي أن أوروبا تدعم المفاوضات بين إسرائيل وحماس. 

يشير الكاتب إلى حلول الهدنة صباح 24 الجاري، ويقول بأنه على خلفية هذا الحدث وصل إلى القاهرة رئيسي وزراء إسبانيا وبلجيكا للتحدث إلى الرئيس المصري وأمين عام جامعة الدول العربية. وفي اليوم عينه، اختتم السياسيان الأوروبيان زيارتهما، بعد أن كانا التقيا في 23 الجاري كل من محمود عباس وبنيامين نتنياهو.

يذكّر الكاتب بأن إسبانيا تترأس الإتحاد الأوروبي حتى نهاية السنة الحالية، وكانت قد دعت لقيام دولة فلسطين. وصرح رئيس وزرائها بأن قيام دولتين يجب أن يتحقق من أجل هزيمة الإرهاب وضمان أمن إسرائيل. وأكد أن قطاع غزة يجب أن يُعهد بحكمه للسلطة الفلسطينية بعد إنتهاء الصراع المسلح، ودعا لعقد مؤتمر دولي للسلام. أما Alexander De Croo التي ستتسلم بلاده رئاسة الإتحاد الأوروبي بعد إسبانيا، فقد دعا إلى فتح نقطة عبور من الجانب الإسرائيلي أيضا.

بعد أن يشير الكاتب إلى وعد إسبانيا بمساعدة مصر بدعم المصابين الوافدين من غزة، وإدانة إسبانيا وبلجيكا لقصف الجيش الإسرائيلي للمدنيين في غزة، يقول الكاتب بأن البرلمان الأوروبي ليس لديه أوهام بشأن تأثير رئيسي الوزراء على تسوية الصراع. فقد نقل عن عضو البرلمان الأوروبي  Thomas Zdeczowski قوله بأنهم على استعداد في الإتحاد الأوروبي لمساعدة فلسطين وإسرائيل على التفاوض، لكنهم ليسوا على استعداد لقبول حماس كشريك في الحوار. 

يقول الكاتب بأن دولاً أوروبية أخرى على استعداد للمساعدة في تسوية الصراع، وينقل عن وزير الخارجية البريطاني الجديد David Cameron دعوته للتنفيذ السريع لشروط الهدنة، وذلك اثناء زيارته لإسرائيل في 24 الجاري. كما نقل عن رئيسة الوزراء الإيطالية George Meloni دعمها لإنشاء ممر بحري لإيصال المساعدات الإنسانية لسكان غزة.

وبعد أن يشير الكاتب إلى دعوة  الرئيس الفرنسي مطلع الجاري السلطات الإسرائيلية إلى وقف الهجمات الجوية العشوائية على قطاع غزة والكف عن قصف المدنيين، ينقل عن صحيفة  El Confidencial الإسبانية الإلكترونية قولها بأن حكومات كل من إيرلندا وسلوفينيا واللوكسمبورغ تنتقد بشدة أعمال إسرائيل. 

يرى الكاتب أن الأصوات في الغرب أخذت ترتفع أكثر في المدة الأخيرة بضرورة قيام الدولة الفلسطينية، ويذكّر بمقالة الرئيس الأميركي الأخيرة، حيث اعتبر قيام هذه الدولة "الطريقة الوحيدة لضمان أمن الشعب الفلسطيني واليهودي لمدة طويلة". وينقل عن الأستاذ في معهد العلوم الإجتماعية التابع للرئاسة الروسية Sergey Demidenko تأكيده على صوابية رأي كل من يقول بضرورة قيام الدولة الفلسطينية. ويرى أنها كان يجب أن تقوم منذ 76 عاما، وحينها لما كانت لتنشأ المشاكل الحالية. لكنه يرى الوضع السياسي على الإتجاه الفلسطيني الإسرائيلي سيئاً لدرجة تجعل قيام الدولة الفلسطينية في غاية الصعوبة، وذلك لعدم وجود آليات لقيامها. 

موقع الخدمة الروسية في قناة التلفزة الفرنسية الدولية BFM، نشر في 24 الجاري نصاً استعرض فيه تفاصيل تبادل الرهائن والمساجين في ذلك اليوم، وكذلك إحتمال تمديد الهدنة المؤقتة. ونقل عن البوليتولوغ الإسرائيلي والخبير بشؤون أمن الشرق الأوسط Simon Tsipis قوله بأنه إذا تم تمديد الهدنة، لا يساوره الشك بأن ذلك سوف يعني عمليا بأن إسرائيل توقف عمليتها العسكرية في قطاع غزة، ولن تكملها حتى النهاية. وهذا يعني بالنسبة له أن حماس لن يتم تدميرها، ولن يتم القضاء على قادتها ومقاتليها. ويرى أن أيام الهدنة ستكون نوعاً من الإمتحان لدولة إسرائيل، ولرئيس وزرائها. فإذا استمرت الهدنة، سوف تطلق إسرائيل المسلحين الفلسطينيين، وتمنح حماس الوقت لإعادة تجميع قواتها، وحفر أنفاق إضافية. ويستمر الخبير في تفسير ما يعنيه ذلك، إلى أن يعتبر بأنه "يمكن القول بلا لبس أن هذا سيكون هزيمة لإسرائيل في هذه الحرب". 

قال الموقع بأن انتقاد خطة مبادلة الرهائن بالمساجين ووقف إطلاق النار تردد في الولايات المتحدة أيضا من قبل صقور مثل مستشار الأمن القومي الأميركي السابق John Bolton. 

يقول الموقع أن السلطات الإسرائيلية، وعلى الرغم من أصوات الحلفاء الصقور، تبدي إستعدادها لتمديد الهدنة. فقد صرح مستشار نتنياهو (Mark Regev في 24 الجاري) في حديث مع شبكة التلفزة الأميركية CNBC بأن الحكومة مستعدة لإضافة يوم واحد مقابل إطلاق حماس كل 10 رهائن.

الطبعة الإسرائيلية من موقع NEWS.ru الروسي نشر في 26 الجاري مقابلة مع الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي Yaakov Amidror. وعلى عكس الخبير الإسرائيلي السابق، يرحب Amidror بتمديد الهدنة مرات متتالية حتى إطلاق جميع الرهائن المدنيين، وعندها ستحارب إسرائيل بشكل أفضل، برأيه. ويرى أن حزب الله هو الخطر الرئيسي على إسرائيل، ولذلك يعتبر الحرب ضد إسرائيل غير منطقية فرضها هجوم حماس، ويقول بضرورة حرب إستباقية ضد حزب الله.

وعن رأيه بما يردده الرئيس الأميركي بايدن عن ضرورة عودة إسرائيل إلى المفاوضات حول مقولة الدولتين بعد انتهاء الحرب، قال الخبير بأن حرب الفلسطينيين والإسرائيليين هي حرب قيم وليس حرب مصالح. وهذه الحرب لا تنتهي إلى بتلاشي أحد الطرفينن أو إنهيار قواه كليا، "وهو ما لانراه الآن". ويعتبر أن الواقع ليس مناسبا الآن للتسوية القائمة على مقولة الدولتين. لكنه يثني على الأميركيين الذين يسعون لتوفير الوضع الملائم في الضفة ( قضية المستوطنات) لمثل هذه التسوية.

المصدر: المدن