قطاعٌ جديد يُهمّش موظفوه بفعل الأزمة الاقتصادية والأوضاع المعيشية الصعبة، بحيث باتَت الرواتب لا تكفي لتأمين عيش كريم، خاصةً بعد انهيار العملة الوطنية مقابل الدولار، وبالتالي تأثّر القطاعات كافّة بالارتفاع الجنوني الذي شهده في الأعوام السابقة، واستقراره على سقفٍ عالٍ تاركاً تبعاته السلبية على المواطن.
وبعد انهيار العملة الوطنية، وفقدان الرواتب أكثر من 95 في المئة من قيمتها، لجأت الحكومة إلى زيادات عديدة للقطاع العام، غير أن كل تلك الزيادات لم تعوّض أكثر من 15 في المئة من قيمة الرواتب بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل الأزمة، الأمر الذي دفعَ بالموظفين إلى إعلان الإضراب العام الشامل حتّى تصحيح الأجور وفقاً لسلسلة رتب ورواتب جديدة.
وفي السياق، تشير رئيسة "رابطة موظفي الإدارة العامة" نوال نصر إلى أنَّ "الوضع مأساوي، فمع بداية الأزمة وارتفاع الدولار يُطالب الموظفون بتصحيح الرواتب بالتزامن مع خطوات تصعيدية متلاحقة، ورغم كلّ المستحقات والزيادات التي أُقرّت في الأعوام السابقة إلّا أنَّ الأزمة لم تصل إلى حلّ بفعل النهج المجحف الذي اتبعته الحكومة عبر زيادة ضعفي الراتب ثم 4 أضعاف، ما فاقم الخلل بين الموظفين والتراتبية الموجودة في القطاع العام".
وتقول نصر في حديث لمنصّة "بلوبيرد لبنان" إنَّ "الموظف اليوم يستوفي 7 رواتب إلّا أنَّها بمجموعها تتراوح بين 143 و153 دولاراً أميركيّاً، لدى 80% من الموظفين، في حين يتراوح أساس الراتب لدى هذه الفئة بين 11 و23 دولار أميركي، وهو المبلغ الذي يحتسب على أساسه تعويض الصرف والمعاش التقاعدي، وبالتالي ما لم يُدمج بالزيادات فإنّه لا يزال يُصرف على 1500 ليرة لبنانية"، مشيرةً إلى أنَّ "الموازنات لا تنصف الموظفين إذ إنّهم يتحمّلون تبعات الضرائب والرسوم المفروضة بأغلبيتها بالـ"الفريش"، فضلاً عن كون كلّ ما يُحيط بالموظف يُستوفى على سعر صرف 90 ألف ليرة لبنانية، فيما مجموع رواتبه تحتسب على أساس 10 آلاف وخمسمئة ليرة لبنانية للدولار الواحد".
ووفق نصر فإنَّ "الدولة تتلكأ في إعطاء الموظفين حقوقهم، في وقتٍ تدعم قطاعات معينة أخرى نظراً لمصالح مشتركة، ممّا يُفاقم تهميش موظفي القطاع العام"، مذكرةً بأنه "تمَّ تعليق الإضراب سابقاً في 13 تشرين الأول الماضي بهدف الاستمرار في خدمة المواطن، إلّا أننا مضينا بالمطالبة بتحسين الرواتب وفقاً للظروف المؤاتية في البلد، إلّا أن لا مُجيب".
ودعت نصر إلى تحسين الرواتب وتصحيحها في أسرع وقت ممكن، لافتةً إلى أنَّ "الدولة مُصرّة على عدم التجاوب مع المطالب، وهذا الأمر تجلّى في كون جلسة الحكومة الخميس لا تتضمن على جدول أعمالها أيّ بند يتعلّق بالبحث عن حلّ جذري لتأمين حقوق الموظفين، علماً أنَّ التواصل دائم مع المعنيين لكنه يُجابَه دوماً بالرفض، معلنةً أنَّ التصعيد سيّد الموقف عبر المضي بالإضراب العام والشامل حتّى تحقيق المطالب.
ومع استمرار الانهيار الحاصل في قطاعات الدولة كافة، يدأب المسؤولون على ظلم الموظفين وحرمانهم من أدنى حقوقهم لعيش حياة كريمة، بصرف النظر عن شلل المؤسسات والذي يتحمّل المواطن اللّبناني تداعياته السلبية على الدوام.