لم يصدر عن أي جهة أمنية لبنانية، ولا عن وزارة الدفاع، ولا عن وزارة الخارجية والمغتربين، ولا عن وزارة الداخلية ولا عن رئاسة الحكومة «نص ربع» بيان استنكار حول اعتراض مركبة تابعة لليونيفيل على حاجز تابع لـ»الحزب» في الـ»كوكودي» في تمام الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر الخميس الماضي، أي يوم الكبيس، وبداخلها جنود من الكتيبة الماليزية؛ جنود سمر اقتيدوا إلى مقرّ اللجنة الأمنية التابع لـ»الحزب». صودر ما كان معهم من أجهزة وكاميرات وأسلحة، وتمّ التحقيق معهم في ظل شكوك حول إمكانية قيامهم بعمليات تصوير. بعد إشارة من الأهالي، أُطلقوا وسُلّموا إلى مخابرات الجيش اللبناني؛ إذا لم يصدر أي بيان رسمي وعلى الأرجح لن يصدر. وحدها اليونيفيل، أوضحت ما حصل، من خلال نائبة المتحدث الرسمي فيها كانديس أرديل التي أعلنت «أن مركبة تابعة لقوات حفظ السلام برحلة لوجستية روتينية إلى بيروت، تم إيقافها واحتجاز أفرادها من قبل أفراد محليين» (أي أولاد المنطقة) وذكّرت أرديل في بيانها أن قوات «اليونيفيل «تتمتّع بالحرية والتفويض من الحكومة اللبنانية للتنقل في كلّ أنحاء لبنان لأسباب إدارية ولوجستية» فحرية الحركة هذه ضرورية لتنفيذ القرار 1701. مرحباً 1701!
يبدو أن الأمور اختلطت على الآنسة كارديل. أضاعت البوصلة. إلتبس عليها الأمر بين لبنان ودولة شقيقة. يقع حيّ السلّم، كما بير العبد، كما الغبيري، كما الجنوب، كما بلدة لاسا... في دولة ضمن دولة لبنان الكبير، وبالتالي فإن حرية الحركة لليونيفيل مضمونة حيث للدولة وجود فعلي. فلو حصل مثلاً اعتراض الإخوة الماليزيين على مفرق حريصا واقتيدت مركبتهم إلى الغينة، لانعقد مجلس الدفاع الأعلى بصورة عاجلة برئاسة نائب الرئيس وقبضت «المعلومات» على المسلّحين في 12 دقيقة وصدر 12 بياناً رسمياً في 12 ساعة. لبنان لا يسمح بمثل هذه الاعتداءات وهو جاهز لضرب المعتدين بيد من حديد. هذا لا يمنع أن علاقة حسن جوار تربط بين مسؤولي البلدين، وهذا يفسّر تسليم المحتجزين سريعاً إلى المخابرات أما من احتجزوا الماليزيين فتلقّوا التهاني من قيادتهم. عيون ساهرة على بلدهم. لا هولندي. لا بريطاني. لا فرنسي. لا ألماني. لا لبناني يمكنه التصرّف بحرية في حي السلّم أو في الضاحية الشموس، ديبلوماسياً كان أم أمنياً مصرحاً له بحمل سلاح من الجهات المختصة.
من هذا المنطلق، نفهم تمسّك ميقاتي وبري وبو حبيب بتنفيذ القرار الدولي. يقصدون تنفيذه على أرض لبنان آخر غير الذي نشاهد خارطته في أطالس العالم.
المصدر: نداء الوطن