في رحلة البحث عن الحقيقة و إنصاف المفقودين..لبنان يمتنع

بين دموع الأمهات الثكالى وخيبة الأمل الجديدة للعائلات اللبنانية، امتنع لبنان أمس مع غالبية الدول العربية باستثناء الكويت وقطر عن التصويت على مشروع قرار تشكيل مؤسسة للكشف عن مصير المفقودين قسراً، في سوريا منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011، حيث صوتت 23 دولة بنعم على المشروع و11دولة اعترضت، فيما وقفت 62 دولة على الحياد.

أثار مشروع القرار جدلاً  كبيراً وكثُرت ردود الأفعال عليه بين مؤيدٍ ومعارض، فيما أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية بياناً أوضحت فيه أنه بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، أوعزت الوزارة لمندوبة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك بالامتناع عن التصويت على مشروع القرار حول المفقودين في سوريا الذي طرح على الجمعية العامة للأمم المتحدة، تماشياً مع شبه الإجماع العربي بالامتناع عن التصويت، ورغبة منه بعدم تسييس هذا الملف الإنساني بامتياز، وانسجاماً مع سياسة عدم الانجرار وراء تصويت خلافي يزيد المشاكل ولا يحلّ قضية المفقودين اللبنانيين التي تشكل جرحاً نازفاً وألماً مستداماً لأهاليه.

في حين أعاد هذا القرار الحديث عن قضية المفقودين إلى الواجهة من جديد، والتي لم تغيب يوماً عن أهاليهم، ومنهم المصور الصحافي سمير كساب الذي فقد في سوريا بتاريخ 15 تشرين الأول عام 2013 الذي لم يكُن على دراية من أنها ستكون رحلته الأخيرة.

وفي حديثٍ خاص ل "Bluebird" كشف أخيه جورج كساب عن صدمتهم والشعور بالخذلان من امتناع لبنان عن التصويت على القرار بعد الجهد الذي بذلوه مع نقابة الصحافيين في لبنان في إرسال رسالة للأمم المتحدة في عام 2017 بخصوص سمير ليكون محط اهتمامهم في أي قرارٍ يصدُر. 

واعتبر أن "صدّ القرار يؤكد أنه يجب بذل جهود مكثفة في قضية المفقودين على الصعيد اللبناني لأنه وجعنا جميعاً، و يجب وضع مصلحة لبنان وأبناءه فوق مصلحة الجميع".

وبشأن أخيه سمير، أوضح أنه لا يوجد أي معلومات دقيقة لعدم تبنّي خطف سمير في وقت وقوع الحادثة، وأنه منذ فترة أربع سنين إلى الآن لا يوجد أي محاولة جديّة لتتبع الموضوع من قِبل الدولة اللبنانية.

على صعيدٍ أخر و في مواقف متباينة، رأى عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله ل" Bluebird " أن "هذا الموقف أتى متردداً ربما لحسابات سياسية، لا ترتقي إلى مستوى أوجاع وآلام أهالي المفقودين"،  مشدداً على ضرورة "تشكيل هيئة دولية للبحث والتحري عن مصير المفقودين قسراً في سوريا وغير سوريا، لأن موضوع إنساني بهذا الحجم، لا يجب أن يكون هناك تردداً بموقفنا فيه كدولة".

و في سياق متصل، أكد النائب إلياس حنكش في حديث  لBluebird أن "هذه القضية قضية حق، وقضية اشخاص مخفيين و أهلهم في انتظار أي خبر عنهم"، مشيراً إلى أنه "ليس من المعقول أن يكون لبنان الذي أسس شرعة حقوق الإنسان والدبلوماسية، على حياد اليوم في قضية أصبح عمرها 50 سنة، لمفقودين لا نعلم مصيرهم، في وقت المجتمع الدولي يخطو خطوةً نحو الاتجاه الصحيح بهذه القضية".

وعبر حنكش عن أسفه من أن "يقوم لبنان بالمقابل بالامتناع عن الموافقة تحت ذريعة إجماع عربي"، مشيراً إلى أن لبنان هو البلد الوحيد الذي يوجد لديه مفقودين في السجون السورية.

لا يزال الحديث عن المفقودين رهن انتظار الحلول، التي ربما تكون بارقة أملٍ جديدة لهم ولأهاليهم، على أن يتم اتخاذ قراراتٍ جدية تنهض بلبنان و بشعبه.