منصّة "صيرفة" على طاولة الرهانات.. وخطر الإفلاس بإلغائها

تتسابق الاستحقاقات المفصليّة على الساحة الداخلية، لكن أحداً منها لم يحقق الهدف حتى اللحظة... فاستحقاق رئاسة الجمهورية الذي دخل فراغه الشهر التاسع أصبح في قعر الأولويات، بعدما دهمه - في موازاة ملف "الترسيم البرّي بين لبنان وإسرائيل" المستجدّ بما فيه من تهديدات أمنية متبادلة - استحقاق حاكمية مصرف لبنان المهدّدة بدورها بالشغور بعد تاريخ 31 تموز الجاري موعد انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة... أما نهاية العام فيحمل استحقاقاً لا يقلّ أهمية أو خطورة عن الأوّليْن، فموقع قائد الجيش تحوم حوله التكهّنات والتأويلات حول فراغ محتمَل إن لم يتم تعيين خلفٍ للقائد العماد جوزف عون.

والأخطر في تدرّجات هذه الوقائع والاستحقاقات، أن "المايسترو" واحد.. كما المستهدَف واحد أيضاً! فالأوّل يستخدم كل آلات التعمية عن الوقت الضائع بحثاً عن خلف في المواقع الآنفة الذكر، فيحرّك الساحات والجبهات لهذه الغاية... أما الثاني فهو البلد يتلقى ضربات الشغور الموجعة في أعلى المواقع وأهمّها على الإطلاق.

وليس القطاع المصرفي سوى الخاصرة الرخوة لتحقيق مآرب التعمية وتضليل البوصلة... فتعود الاقتحامات لمقار المصارف كما حصل في "بنك مصر ولبنان" مطلع الأسبوع، وتُثار الشائعات تتقدّمها شائعة إفلاس "فرنسبنك" التي نفاها مصدر في مصرف لبنان كما بيان صادر عن "جمعية صرخة المودِعين"... 

أما مصرف لبنان فليس بعيداً عن هذا المرمى... التأويلات والتكهّنات كثيرة حول مرحلة ما بعد سلامة، لكن المعلوم واحدٌ وهو أن السياسة ستنخر في مفاصل قراراته وسياسته طالما أن التمديد شبه مستحيل وطالما أن مهام النائب الأول وسيم منصوري معرّضة للتقويض إن لم توسّع السلطتان التشريعية والتنفيذية مهمامه وتزيد من صلاحياته مطلع آب.

فالمرحلة المقبلة تحمل تحديات جمّة... من مصير منصّة "صيرفة" إلى مصير تعاميم البنك المركزي وقراراته...
"يبدو حتى اليوم أن مَن سيخلف رياض سلامة، لن يُبقي على منصّة "صيرفة"، يقول مصدر مالي لـ"المركزية"، و"هو التحدّي الأبرز للمرحلة المقبلة".. ويسأل "هل يحمل أصحاب القرار وَزر غياب "صيرفة" بعدما اعتاد اللبنانيون كما المؤسسات والشركات والإدارات العامة عليها وباتت تعتمد سعر الصرف المعتمد فيها، حتى المعاملات الجمركية... ؟!   

ويتساءل "في حال تم إلغاء منصّة "صيرفة" على أي سعر صرف ستتم المعاملات الجمركية، هل على سعر صرف 15 ألف ليرة؟ كما رواتب ومعاشات القطاع العام على أي سعر صرف ستُحتسب؟!".

يُضيف: مَن لا يريد التمديد للحاكم سلامة، هل سيكون قادراً على تحمّل ثقل المسؤولية الملقاة على عاتق الحاكمية في ظل هذه الظروف النقدية والمالية البالغة الدقة؟! فسلامة، بغضّ النظر عمّن يؤيّده أم يُعاديه، فقد اتخذ إجراءات جريئة عبّدت الطريق لتمرير الظروف الأشد صعوبة في تاريخ لبنان، إلى حين مبادرة الطبقة السياسية إلى ملاقاته بإجراءات سياسية إصلاحية تُنقذ البلاد من هذا الانهيار.

من هنا، يقول المصدر، "قد يتقرّر في الربع الساعة الأخير التمديد لسلامة سنة واحدة إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية، لتمرير هذه المرحلة البالغة التعقيدات، خصوصاً الاستمرار في منصّة "صيرفة" التي قد يعتبرها البعض "وهماً"، لكن لا يجوز إغفال حقيقة أنها مَكّنت الوضع النقدي من الصمود ونجحت في "دوزنة" سعر الصرف وصولاً إلى تأمين نوع من الاستقرار المالي في غالبية القطاعات الاقتصادية والخدماتية... إلى جانب دولرة الاقتصاد، ما أدّى إلى تحقيق نمو اقتصادي ولو بالنِسَب الأدنى". 

وإذ يشير إلى أن "الجميع يرفضون استمرار منصّة "صيرفة" وفي الوقت ذاته يعتمدونها جميعهم من دون استثناء في معاملاتهم المالية"، يسأل "المودِعون يعتبرون أن أموال "صيرفة" هي من ودائعهم، فمَن يستطيع المواجهة وتحمّل مخاطر الدعاوى القضائية التي قد تُرفع ضدّه بهذه التهمة؟! فالمسؤولون لا يزالون حتى اليوم عاجزين، إن لم نقل غير راغبين، عن اتخاذ قرار بانتخاب رئيس للجمهورية، إنه زمن "اللامسؤولية"! فليتركوا الحاكم ونوابه يصرّفون أعمال البنك المركزي إلى حين ملء شغور قصر بعبدا".

ويستغرب المصدر "كيف نما الاقتصاد المحلي وانتعش منطلقاً من الصفر وكأن شيئاً لم يكن، باستثناء القطاع المصرفي الوحيد الذي لا يزال يرزح تحت ثقل الودائع. من هنا، ليس من باب الصدفة أن يأتي المستثمرون من الخارج للاستثمار في لبنان كالـCMA CGM على سبيل المثال لا الحصر، بعدما استعاد الاقتصاد اللبناني توازنه".
ويذكّر في السياق، بأن "سلامة استطاع، بحق أو بغير حق، إيجاد فتوى "صيرفة" لتمكين اللبنانيين على رغم تدني رواتبهم ومعاشاتهم، المحافظة على الصمود والاستمرارية... كما سمح للاقتصاد بالانطلاق من جديد بفضل "صيرفة" بعدما كان البلد محكوماً بالموت".

"هل التمهيد لإلغاء منصّة "صيرفة" بقصد العودة إلى الأزمة من نقطة الصفر وتدمير كل شيء؟! هل مَن يتحمّل وزر التدهور مجدداً؟! القرارات الصائبة لزوم الظروف الحرجة التي تمرّ بها البلاد.. وإلا لن ينفع الندم" يختم المصدر.

 

المركزية - ميريام بلعة