شدّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، خلال حديثٍ صحفي، على "أهمية الحوار لتفادي التعطيل والمحافظة على ما تبقى من مؤسسات كي لا يبقى الشعب يدفع الثمن"، لافتاً إلى أن رؤيته للبنان "ترتكز إلى رؤية كمال جنبلاط، دولة مدنية تقوم على مؤسسات قوية وعلى فصل الدين عن الدولة"، ومعتبراً أنه "نعيش في بلد ديموقراطي، ولدينا الحق في أن نكون معارضين أو أن تكون لدينا مواقف متباينة".
وأشار جنبلاط إلى أنه "بما أنني ابن وليد جنبلاط وعلى رأس الحزب التقدمي الاشتراكي الآن، سأستمر في المسار الوطني، ولن يعني ذلك أبدًا أنني أمثل حصرًا اللبنانيين الدروز على حساب مواطنيهم الآخرين، وسيبقى هدفي الرئيسي تمثيل جميع الشباب والشابات اللبنانيين، على أمل أن نقود البلاد نحو مستقبل أفضل مع روحية الانفتاح والتسامح".
من جهةٍ ثانية، أكد حنبلاط أن "الحوار مستمر مع جميع المكونات السياسية في البلاد، واتصالاتنا مع الأحزاب المسيحية ترتكز إلى المصالحة التي أرساها المثلث الرحمات البطريرك مار نصرالله بطرس صفير ووليد جنبلاط"، لافتاً إلى أنه "في هذا السياق، ومنذ انتخابي رئيساً للحزب، تواصلت مع التيار الوطني الحر، وهذا الحوار مبني على الاحترام المتبادل أكثر مما هو على الثقة، فهو لا يزال نقاش سطحي، لأن علاقاتنا مرت بفترات صعبة في الماضي".
وفي الملف الرئاسي، أشار جنبلاط إلى أنه "توافقنا مع التيار ومع باقي الكتل المعارضة على دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور للانتخابات الرئاسية، لكنني لا أستطيع ضمان أن جبران باسيل لن يتخلى عنه من أجل مصالحه الشخصية، وبخاصة أن علاقاته بحزب الله تبدو أنها تتحسن، كما أن لدينا اختلافات معه في العديد من الملفات مثل تسمية رئيس الأركان والمجلس العسكري".
ولفت إلى أنه "بالنسبة للأحزاب المسيحية الأخرى، مثل القوات اللبنانية والكتائب، فنحن نتطلع أيضًا إلى تطوير العلاقات معها، وبخاصة أن لدينا الكثير من المواقف السياسية المشتركة، وتبقى قنوات التواصل مفتوحة أيضًا مع الممثلين للحراك الشعبي المنتخبين".
كما أسف جنبلاط على أن "الجيل السابق من القيادات السياسية لم تعنهم الظروف لتطبيق فكرة فصل الدين عن الدولة، والتي تبدو مستحيلة في الوقت الراهن، بخاصة أن الشعب يستمر بالانتخاب على أساس طائفي"، مشدّداً على أنه "يجب أن نقوم بالخطوة الأولى، والديناميكية سوف تتوالى، وفي الانتظار، يجب أن نحافظ على ما تبقى من مؤسساتنا، وعلى تطبيق اتفاق الطائف، وعلى الدولة"، لافتاً إلى أن "هذا طبعًا الخطاب التي تعبّر عنه الثورة الشعبية، والتي كانت على حق بأن تطالب بمحاسبة المسؤولين عن الأوضاع، ولكنها لم تتمكن للأسف من تحقيق أهدافها، ويعود ذلك جزئيًا لبعض الطبقة السياسية التي بذلت كل ما في وسعها لكي تفشل، لكن هم أيضاً ارتكبوا خطأين كبيرين، أولاً، غياب الواقعية، ورفع شعار "كلن يعني كلن" الذي يطلب تغييرًا جذريًا وفوريًا لكل الطبقة السياسية، وهذا غير ممكن، وغير عادل أيضاً، ثم أن يتطلب التغيير سنوات طويلة من النضال، خاصةً في بلد مثل لبنان قائم على التوازن الطائفي، كما أنهم لم يأخذوا في الاعتبار التحديات التي واجهتها الأجيال القديمة ومخاوفها، ثانيًا، الأسوأ من كل ذلك لم ينجحوا في إقامة جبهة موحدة".
وفي سياقٍ متصل، نفى جنبلاط إمكانية تصويت الحزب التقدمي الاشتراكي لصالح رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه، لافتاً إلى أنه "مع احترامي له، بالطبع، لديه العديد من الصفات الجيدة، مثل صدقه، وهو يعترف بـصداقته مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، طبعاً هو حرّ في موقفه، لكن أنا يجب أن أستمع إلى ضميري وللناس الذين أمثلهم، الناس لا تريد صديق بشار الأسد، اللبنانيون يريدون شخصية جديدة تمثل التغيير"، مشيراً إلى أنه "انطلاقاً من هذه المبادئ، اتفقنا على جهاد أزعور نحن والقوات اللبنانية والكتائب وغيرهم من القوى والشخصيات السياسية ودعمنا ترشيحه، ولن نقوم بأي خطوة مغايرة إلا بعد مشاورات معه كما فعلنا مع النائب ميشال معوض".
كما اعتبر جنبلاط أنه "يدعي كثر بأن هناك تباينًا واختلافاً بيني وبين والدي بخصوص المسألة الرئاسية، لكن هذا بعيد عن الحقيقة"، مشيراً إلى أنه "على الرغم من وجود تباينات في الأجيال، أنا فخور بتراثي وبوالدي وبكل ما حققه وأعلم أنه يحمل مسؤوليات ثقيلة، لكنني لا أريد أن أُقارَن دائمًا بأسلافي، الذين كانوا يمارسون مهامهم في ظروف مختلفة"، لافتاً إلى أنه "فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، فإن الحزب بأكمله على ذات الموجة واللقاء الديمقراطي سيكون له موقف موحّد ولن تنقسم أصواته خلال التصويت".
وأكّد جنبلاط "أن الحوار مستمر مع حزب الله واستطعنا أن ننظم الاختلاف بيننا كي نتفادى التعطيل، وحل المشاكل عبر المؤسسات كي لا يدفع الشعب الثمن"، مشيراً إلى أنه "نحن على علاقة جيدة خاصة مع الرئيس نبيه بري، وهو يعلم جيداً موقفنا من مرشحه الرئاسي ولا يتدخل أبدًا في قراراتنا ولم يطلب منا أي شيء، ولا أعتقد أن هناك أحداً لديه مصلحة أن تتصاعد الأمور أو أن تذهب باتجاه مواجهة مسلحة".
وفي السياق، وبالنسبة إلى اقتراح فرنسا لحوار لبناني وإمكان مشاركته فيه، أكد جنبلاط أنهم "مؤيدون للحوار ونعتقد أنه من المستحيل التغلب على هذه الأزمة إلا من خلاله، ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن هناك بعض الأحزاب ضد هذا الأمر، مثل القوات اللبنانية ونواب الثورة"، ورأى أنه "لذلك، حتى إذا تمت الدعوة للحوار، فإن المبادرة محكومة بالفشل بسبب غيابهم عن المشاركة"، لافتاً إلى أن "رغم أنه يبقى الحوار أفضل وسيلة للوصول إلى مرشح وسطي أو توافقي، وخصوصًا أنه تم وضع الآليات الطبيعية للتصويت الديموقراطي جانباً".
وفي ما يتعلق بخيار قائد الجيش العماد جوزاف عون ، أوضح جنبلاط أنه "كان من أحد الأسماء التي طُرحت من قبل الحزب التقدمي الاشتراكي لمحاولة كسر الجمود والخروج من هذه الازمة الرئاسية، إلى جانب جهاد أزعور وصلاح حنين"، لافتاً إلى أنه "لذلك، نحن بالطبع لا نعارض ترشيحه، على الرغم من وجود عقبات عدة أمامه، لكن البعض يقول إن انتخابه غير ممكن لأنه يتطلب تعديل الدستور، مشيراً إلى أنّه "تم تعديل الدستور مرات عدة، لذلك ليست هذه العقبة الأساسية، لكن جبران باسيل، هو الذي يعارض بشدة هذا الترشيح".