شينكر: لا جدوى من انتخاب رئيس ضعيف لا يحلّ الأزمة اللّبنانيّة

أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق للشرق الأدنى، ديفيد شينكر ، في حديث صحفي، أنه "لا جدوى من انتخاب رئيس ضعيف لا يلتزم بإطلاق إصلاحات ولن يلتزم بذلك، وليس حاضراً للقيام بما يلزم لفرض المساءلة وحلّ الأزمة اللّبنانيّة". 

 

وأشار شينكر إلى أنّه "لأمر جيّد أن يجتمع الفرقاء كافة في الدّوحة، (الولايات المتّحدة، والسّعوديّة، وقطر، وفرنسا)، وأن يتّفقوا على أهميّة التوصّل إلى اختيار مرشّح رئاسيّ. لكن يبدو أن ثمّة خلط في الأولويّات هنا، على ما أعتقد"، مضيفاً: "قد تنتخبون رئيساً وحكومة جديديْن من دون التوصّل بالضّرورة إلى حلّ للأزمة. أعود وأكرّر، الكلام عن ذلك سابق لأوانه". 
ولفت إلى أنه "لا يتعلّق الأمر برئيس الجمهوريّة، بل بشخص يتمتّع بالصّبر والجلَد للمضيّ قدماً، والتوصّل إلى الإصلاحات اللاّزمة".


وأضاف: "تكلّمت منذ بضعة أشهر عن وصول العماد جوزف عون، في النهاية، إلى سدّة الرّئاسة بسبب عدم قدرة الأطراف على التّوافق. أعتقد أنّ ثمّة توافق عليه من الفرقاء كافة. أكرّر، يبقى أن نتأكّد ما إذا كان سيستطيع تنفيذ هذه الإصلاحات، علمًا أنّه سيحتاج إلى دعمٍ كبير. مع ذلك، يلتزم حزب الله، العنصر الأساس في السّياسة اللّبنانيّة، وشركاؤه،  بالفساد، وسوء الإدارة، وعدم المساءلة". 

وأردف شينكر قائلاً: "يتّسم بعض الأطراف اللّبنانيّين بالعقم. وليست العقوبات بالحلّ السحريّ، بل هي عبارة عن خيبة الولايات المتّحدة واستيائها، وجلّ ما تهدف إليه هو تحقيق تغيير على صعيد السّلوك، لكنها لا تحقّق ذلك دائماً، ويتعيّن فرض عقوبات متعدّدة الأطراف، وأن تكون فرنسا من ضمن المؤيّدين لها. ومن وجهة نظري، تُعتبر الأخيرة العامل الأهمّ في الوضع اللّبنانيّ". 

كما أضاف: "يميل الجانب السّاخر فيّ إلى الاعتقاد أنّ فرنسا تهتمّ بالتّعامل التجاريّ مع لبنان، وتعتقد أنّ فرض المساءلة قد يقوّض الاستقرار بطريقة ما. هذه النّظرية خاطئة، برأيي، لا بل هي ما أبقى لبنان على وضعه الحاليّ. ببساطة، جميع الجرائم بقيت من دون عقاب". 

و رأى شينكر أن التّعاون الوثيق مع المجموعة الخماسيّة بشأن لبنان (الولايات المتّحدة، وفرنسا، وقطر، والسّعوديّة، ومصر) مؤشّر إيجابيّ، والتّعبير عن إرادة أكثر جدّية تهدف إلى المضي قدماً بالتّرغيب والتّرهيب، مفيد. 

وعن رياض سلامة، قال شينكر: "يواجه اتّهاماً بارتكابه بعض الجرائم الماليّة (ما يقارب ٣٠٠ مليون دولار، على ما أظنّ). وهو يستحقّ فعلاً المحاكمة في أوروبا، وفي بلدان أخرى. إنّما أعتقد أنّه من المهمّ السّماح له بالتّعبير عن رأيه، وشرح كيفيّة وصول لبنان إلى أزمته الحاليّة أمام المجتمع الدوليّ. من قد يكون مسؤولاً، بالإضافة إليه، عن بعض السّياسات، والفساد اللّذيْن أوصلا لبنان إلى ما هو عليه؟ أؤمن بفعاليّة المسارات هذه لدفع لبنان نحو الاتّجاه الصّحيح، بدلاً من اختيار شخص آخر لمدّة 6 سنوات قد لا يتمتّع بالقدرة على تحقيق أي تغيير جوهريّ".

كما أضاف: "أتمنّى أن يُولى لبنان ببعض الاهتمام. شهدنا تركيزاً مكثّفاً في واشنطن على اتّفاق ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل. غير أنّني لا أعتقد أنّ لبنان حظي بالأولويّة، في ظلّ كلّ ما يحدث في العالم. أعني بذلك الانقلاب في النّيجر، والحرب الأهليّة في السودان، وتداعياتها على دول الساحل، وجنوبه. يواجه نهر النّيل، والبحر الأحمر، وأوكرانيا، وروسيّا، والصّين خطراً محدقاً. ولكن بالتّأكيد، وكي يعمّ الاستقرار منطقة الشرق الأوسط، يتعيّن أن يُعطى لبنان الأولويّة. عادة ما لا تتمتّع الدول إلاّ بقدرات محدودة، لذلك ينبغي أن يولى لبنان أهميّة أكبر في الوقت الرّاهن. أتمنّى لو أدرك اللّبنانيّون الأولويّات لحلّ المشكلة بدلاً من الاعتماد الكامل على فرنسا والمجتمع الدوليّ". 

كذلك، لفت شينكر إلى أنّ "حزب الله، وفي حال اندلاع حرب، لن يشعر بأنّه ملتزم بعدم استهداف المنشآت الإسرائيليّة، مثل شركة شيفرون، وموقع قوريش، وغيرها. أظنّ أنّ هذه المنشآت قد تشكّل هدفاً للحزب، وقد لا تكون محصّنة ضدّ النّزاع. من جهة أخرى، وبالنسبة إلى إسرائيل، لا أتوقّع استهدافها منشأة توتال، لذلك فلبنان بمنأى".

وتابع: "بالإضافة إلى ذلك، يستفيد حزب الله من الانهيار الماليّ في لبنان، ومن الدّولرة، ومن انخفاض قيمة العملة، ومن إنشاء نظامهم المصرفيّ الخاص "القرض الحسن". يناسبه الوضع الرّاهن، ولم يبدِ أي إرادة في اعتماد أي إصلاح. أعتقد أنّنا نشهد حاليّاً مرحلة انتظار وترقّب مع حزب الله في لبنان". 
 

وتمنى شينكر أن "تساعد الجهود الدبلوماسيّة الموحّدة في الدوحة، وفي أماكن أخرى، على دفع لبنان  نحو الاتّجاه الصحيح"، آملاً أن "يكون ثمّة خطوة نحو التّوافق على الحاجة إلى اعتماد بعض الاصلاحات، لكنّ عقوبات المجتمع الدوليّ لن تقوم بذلك. ولن يرسل أحد القوّات العسكريّة. ففي نهاية المطاف، تحتكر النّخبة القرار، ويحاول الشّعب المضي قدماً. أثق أنّ لبنان قادر على ذلك، وأنّ الكثيرين فيه قد تعبوا من تصرّفات من يمثّلونهم/نوّابهم، وسئموا منها. لن يبقى الأمر على ما هو عليه بعد اليوم، لكنّني أجهل ما سيحرّك تلك المجموعة ويدفعها إلى الاهتمام بالشّعب اللّبنانيّ".

كما تمنّى أن "يساعد التّوافق الدوليّ على التّشجيع على التحرّك، لكنّني لست متفائلاً. عاجلاً أم آجلاً، ستنتخبون رئيساً، على أمل أن يكون جيّداً، ويحدث بالفعل فرقاً. فالاتّجاه الّذي نسير فيه، والرّكود والتصلّب في نظامكم السّياسيّ، لا يوحي بأنّ لبنان سيعتمد الاصلاحات هذه، ويتمكّن من تطبيقها".