لاقى موقف رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل الذي تحدث فيه عن لامركزية إدارية ومالية موسّعة، العديد من التكهنات، لجهة وضعها في إطار ما اعتبره البعض "مقايضة" في الملف الرئاسي.
وكان باسيل، قد أشار في تصريحاته إلى أن مطلبهم هو "إقرار قانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة وقانون الصندوق الائتماني قبل انتخاب رئيس للجمهورية، كما الاتفاق على برنامج العهد مع ضمانات تنفيذه، موضحاً أن "الصندوق الائتماني يحدد ما للدولة من أموال وقدرتها على جذب الاستثمار وهو ملك للدولة اللبنانية 100 في المئة".
إلا أن مسألة تطبيق اللامركزية الإدارية، وعلى الرغم من أنها إحدى بنود اتفاق الطائف التي لم تُنفّذ بعد، لاتزال تُثير جدلاً واسعاً بين الأفرقاء السياسيين، علماً أن الجميع يُسلّم جدلاً بإيجابياتها، لكن الهواجس من تحوّلها إلى فدرالية، أو تقسيم، في ظل الانقسام الطائفي والمناطقي العمودي، تطغى على كل ما يمكنه تحقيق أهداف هذا النظام القانونية والإدارية والمالية.
فهل يُمكن فعلاً تطبيق اللامركزية الإدارية في لبنان؟
الوزير السابق زياد بارود، يُشير في حديث خاص لـ"بلوبيرد لبنان" إلى أن "اللامركزية ليست طرحاً جديداً، فهي موجودة منذ اتفاق الطائف، وهي بند إصلاحي يفيد جميع اللبنانيين، ومن يتبنّاه هو مجلس النواب بأكثرية معينة".
ورأى بارود أن "المطلوب اليوم أن يزيد عدد من يدعم اللامركزية لحسمها والمساعدة في إقرارها".
وعن أهمية اللامركزية وتأثيرها على الإدارة العامة للدولة، قال: "اللامركزية هي مشاركة محلية ديمقراطية، تُعطي المناطق حالة إنمائية ذاتية أكبر ضمن وحدة الدولة ولا تعني الانسلاخ عن الدولة"، لافتاً إلى أن جميع من اعتمدها دول موّحدة.
كما أكد بارود أن اللامركزية تحترم وحدة الدولة وهي ليست حالة تقسيمية، مشدداً على أن "لا وجود للامركزية من دون مال، وبالتالي ليس هناك مبرر لتسميتها باللامركزية الإدارية أو المالية، في الوقت الذي لا يمكنها إعطاء المناطق الواسعة الصلاحيات من دون إمكانيات مادية".
وعن إمكانية تطبيقها عملياً على الأرض، شرح بارود أن "اللامركزية هي معالجة إنمائية للحالة الطائفية"، معتبراً أنها "إحدى الحلول لمعالجة التشنجات في لبنان، خاصةً في الفترة الأخيرة، فهي تساعد المناطق على التنفس بشكل سليم، رغم أنها جزء من الدولة، لكن يبقى لدبها حالتها الذاتية والإنمائية وهي تساعد الناس على إنماء ذاتها".
واستغرب بارود "ردود الفعل ضد اللامركزية، وكأنها تعني التقسيم"، موضحاً أن "هناك فرق، فالتقسيم مرفوض وغير دستوري ومقدمة الدستور من التسعينات تمنع التجزئة والتقسيم، بالتالي لن يتقسم البلد، مشدداً على وجود "مصلحة مشتركة بالذهاب نحو اللامركزية، فهي تساعد لبنان والمواطن بأن يكون جزء من الدولة".
وأردف بارود: "نحن أبطال في تضييع الفرص"، متمنياً أن "لا نضيع فرصة اعتماد اللامركزية"، وقال: "كفانا تأخيراً بأن نعطي اللبنانيين حقهم بها، وهي مذكورة منذ اتفاق الطائف، وهي مطلب جماعي وليس فئوي، واليوم هي مطلب وطني".
كما لفت إلى أن "هناك قوى سياسية ليس لديها مصلحة باللامركزية لأنها تلغي الزبائنية والمحسوبيات والحديث عن مناطق أثرى من غيرها"، مشيراً إلى أن "من يطلع على القانون الذي تقدمنا به في العام 2014 يفهم أنه قائم على ميزان جوهري يعطي الجميع حقهم في الإنماء".
وبالرغم من ذلك، عبّر بارود عن تفاؤله من إمكانية تحقيق ذلك، مجدداً استغرابه من ردة فعل البعض وطنياً من زاوية مصلحة البلد".