يترقّب دروز لبنان بحذر الانتفاضة الواسعة التي تشهدها مدينة السويداء في سوريا، وتحديداً ما يعرف بـ"جبل الدروز"، منذ أكثر من شهر تقريباً، والمنحى التصاعديّ الذي تأخذه، وسط شعارات رنانة تابعة للثورة السورية نفسها، لكنّها للمرّة الأولى نابعة من معقل طائفة الموحدين الدروز، لتكسرَ حاجز المطالب المعيشية وتنادي برحيل الرئيس السوري بشار الأسد.
ما يُميّز هذه الانتفاضة، تمرّد أبناء طائفة لطالما كان الحياد موقفهم منذ اندلاع الحرب في سوريا في العام 2011، وذلك تفادياً لسفك الدماء، أو أيّ مواجهة مع الأسد من شأنها أن تأخذ المناطق الدرزية الآمنة إلى ما لا تحمد عقباه. فكيف يقرأ دروز لبنان انتفاضة السويداء؟
في الإطار، تلفت مصادر الحزب التقدّمي الاشتراكي إلى أنَّ "موقف الحزب لم يتغيّر بتبدّل التحركات في المناطق، وبالتالي لا يُعدّ بالجديد، إنما تثبيت الدعم السياسي والموقف منذ اندلاع الثورة السورية".
"يعود لأهل سوريا أن يقرّروا أشكال تحركاتهم"، على حدّ تعبير المصادر، التي تشير في حديث لمنصة "بلوبيرد لبنان" إلى أنَّ "هناك من يحاول استغلال كلّ تحرّك، وهذا أمر طبيعي في كلّ دول العالم التي تشهد انتفاضات"، مستطردةً: "نحن على ثقة أنَّ أهل السويداء، كما كل الشعب السوري واعون لجهة منع استغلال هذا التحرّك من قبل أيّ جهة، سواء كانت مشاريع إسرائيلية، أو جماعات متطرفة، أو محاولة من النظام الاستبدادي في سوريا لتقويض الحراك".
من جهته، يرى عضو المجلس السياسي في الحزب الديمقراطي اللّبناني ومسؤول ملف العلاقة مع الدولة السورية لواء جابر أنَّه "بالطبع تلعب المطالب المعيشية دوراً أساسياً في هذه الانتفاضة، في ظلّ الوضع الاقتصادي المتردّي بشكل عام نتيجة الحصار وقانون قيصر والحرب على مدى ١٣ سنة، إنما للأسف هناك أيادٍ خارجية تتدخل بهذا الموضوع، وهناك أشخاص مدسوسة لتوجيه هذه المطالب نحو أمور سياسية ومآرب معروفة الأهداف"، على حد تعبيره.
ويشدّد جابر في حديث لمنصة "بلوبيرد لبنان" على أنَّ "التحرك محدود، إذ لم تشهد باقي المحافظات تحرّكات مماثلة رغم أنَّ الوضع المعيشي قائم في المناطق كافة وليس في السويداء فقط، وبذلك لا نرى أفقاً هذه التحركات"، لافتاً إلى أنَّ "الدولة السورية لا تقوم بأيّ ردة فعل، ولا تسعى لقمع التحرّكات طالما أنَّ الأمور في الإطار السلمي"، واعتبر أنَّ "السيناريو نفسه الذي بدأ في العام ٢٠١١ يتمّ العمل عليه اليوم، والأداة نفسها تعمل بغية تخريب الوضع لكن من دون نتائج ملموسة".
كما يعتبر جابر أنَّ "موقف مشايخ العقل واضح لجهة المطالب المعيشية، وهم على حق في بعض الأمور، علماً أنَّ البعض منهم قد صحح موقفه لاحقاً"، مشيراً إلى أنَّ "رئيس الحزب طلال أرسلان على تواصل يومي مع القيادات والأهالي والمشايخ في سوريا، كما قيادة الحزب التي تتواصل لحظة بلحظة مع القيادة السورية واللقاءات مستمرة"، كاشفاً عن "اتصال بين أرسلان والرئيس السوري خلال هذه الفترة".
وعليه، يبدو أنَّ انتفاضة السويداء مستمرّة لحين إحداث خرق ما، فيكون "جبل الدروز" على أبواب مرحلة جديدة وحقبة مختلفة من تاريخه.