حافظ لبنان على موقعه المتقدّم، وللسنة الثانية توالياً، كثاني الدول الأكثر تعاسة في العالم بعد شقيقته أفغانستان، كما جاء في تقرير مؤشر السعادة العالمي الصادر حديثاً تحت إشراف الأمم المتحدة فيما نالت جمهورية فنلندا، وللسنة السادسة على التوالي لقب أسعد دولة في العالم، ويستند الإستبيان الذي تعدّه شركة "غالوب للأبحاث" إلى ستة معايير وهي الناتج المحلي الإجمالي، معيار الكرم (التبرّع للجمعيات) ومعدل العيش أو متوسط العمر، معيار الفساد (ونحن أربابه) القرارات المصيرية، وأخيراً شبكات التضامن الاجتماعي لا مجال لشرحها، والمفارقة في التقرير أن دولة إسرائيل المعرّف عنها في لبنان بـ "الكيان الغاصب" جاء تصنيفها في المرتبة الرابعة، متقدمة 5 مراتب عما كانت عليه في مؤشر العام 2022.
غريب هذا الأمر، بلد جيشه "في أسوأ حال نسبة لأي زمن مضى".
بلد كل منشآته وبناه التحتية وقواعده لا يحتاج تدميرها "سوی إلى عدد قليل من الصواريخ (الإيرانية) الدقيقة".
بلد مهدد في أي لحظة "بالعودة إلى العصر الحجري"، هذا إن لم يزل من الوجود "في سبع دقائق".
بلد يعيش اليوم، كما عاش في الأمس، في "مأزق عسكري وأمني وسياسي".
بلد "إقتصاده في مهب الشارع" وأشبه بـ "اقتصاد بيت العنكبوت".
بلد مضطرب سياسياً واجتماعياً.
بلد يعاني شعبه وحكومته وقادة جيشه حالات من التوتر والهلع كيف يمكنه أن يكون من أسعد السعداء؟
في المقابل بلد يحيا شعبه منذ عقود
على انتصارات مدوّية تأمنت من خلال الثلاثية المدهشة المخدّرة المبهرة: "جيش وشعب ومقاومة".
بلد هو موئل التسامح بين طوائفه الثماني عشرة منذ 15 قرناً على الأقل.
وبلد تطور نظامه المالي من مرحلة التخلي عن الكاش والإعتماد على البطاقات المصرفية بنسبة عالية إلى مرحلة التمسك بالكاش وتطوير مفهوم المقايضة. رطل حليب بكيلو بطاطا، طاقم كنبايات بنصف عمرها بتنكة زيت عمرها سنتان.
بلد يعيش على أرضه مليونا سائح دائم ومليون ونصف المليون بيروحوا وبيجوا.
بلد "هادي على صوص ونقطة" وإن وقع يقع على كف عفريت الذي يقذفه إلى النار فيعود ويطلع من تحت الردم كما تغني ست ماجدة للسيد نزار.
بلد يزرع أبناؤه البصل البني والفليفة الصفراء والبندورة السوداء والشاي الأخضرعلى البلاكين. وهناك من يزرع الصابون أثلاماً وأثلاماً.
بلد لديه أجمل إعلاميات في العالم.
بلد شحّاذ وغني بعزة النفس. أي مفلس وعنده من نفسه.
بلد يعيش برأس واحد كما يمكنه العيش برأسين مثل بعض الثعابين النادرة.
بلد يعيش فيه شعب بلا رأس كيف يكون تعيساً؟ يجب إعادة تقويم مؤشّر السعادة للسنة المقبلة. لبنان والشقيقة أفغانستان ظُلما.
*المصدر: نداء الوطن