"ما يجري يُثير القلق".. ميقاتي: سنتقدّم بشكوى لمجلس الأمن ضدّ إسرائيل

التأم مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم في السراي، للبحث في الوضع الأمني في الجنوب، إضافة إلى  التطورات في قطاع غزة، ولمناقشة تقريراً حول ملف النازحين السوريين.

وشارك في الجلسة المدير العام لأمن الدولة طوني صليبا، قائد الجيش العماد جوزيف عون والمدير العام للأمن العام بالوكالة الياس البيسري، فيما غاب عدد من الوزراء بينهم وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب.

بدوره، قالَ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مطلع الجلسة: "نؤكد أهمية انعقاد الجلسة في هذا الظرف، ووضع الوزراء في ضوء الاتصالات كاتصال الرئيس الفرنسي ورؤساء الحكومات وغيرها بشأن تطوّرات الجنوب"، لافتاً إلى "البندان الرئيسيّان تطوّرات غزة والنزوح الذي سيكون بنداً أساسياً في كل جلسة حكومية".

من جهته، أكد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور عباس الحاج حسن خلال الجلسة "ضرورة العمل لتوحيد الكلمة العربية من أجل تأمين الدعم العربي والإقليمي والعالمي لغزة وشعبها". مشيراً خلال مداخلته إلى "الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية المحقة من خلال ساعة تضامن في المدارس والجامعات، يتم خلالها التأكيد على خيار لبنان العروبي الداعم للقضية الفلسطينية والتي يجب أن نربي اجيال المستقبل عليها وعلى مبادئها. و تثبيت الشعار الذي اطلقه الامام موسى الصدر في اذهان جميع أبناء الوطن أن "إسرائيل شر مطلق و التعامل معها حرام".

وبعد الجلسة، كانت كلمة لميقاتي، جاءَ فيها: "نظراً إلى خطورة الأوضاع ودقّة المرحلة وطنياً واقليمياً، عقدنا اليوم جلسة لمجلس الوزراء ناقشنا خلالها المستجدات الراهنة في جنوب لبنان وفلسطين، كما ناقشنا بتقدير التقرير الدوري المتعلّق بتنفيذ مندرجات قرار مجلس الوزراء الصادر في شهر أيلول والمتعلّق بموضوع النزوح السوري وتداعياته".
 
وتابع: "خلال الإجتماع، أكّدنا خطورة المرحلة التي يمر بها لبنان والمنطقة ودقتها. فالمواجهات العنيفة الدائرة في غزة وحولها، تبتعد بالمنطق عن أي فرص حقيقية لتحقيق الاستقرار والسلام. أمّا أسبابها فباتت معروفة، وهي غياب الحل العادلّ والدائم للقضية الفلسطينية، كما أنَّ التعدٍّ المتكرر والمتمادي على المقدسات الإسلامية والمسيحية أجج المشاعر ليس لدى الفلسطينيين فقط، بل لدى كل مؤمن بالأديان السماوية، لذا نحن جميعاً معنيون بما يجري هناك وطنياً وعاطفياً وانسانياً، ولا يمكن أن نكون إلاّ إلى جانب الحقّ والعدالة"، مضيفاً "إنَّ لبنان في عين العاصفة، فما يجري على حدودنا الجنوبية يثير لدينا القلق العميق والاستنكار، لأن مجمل الحوادث التي تجري على طول الخط الأزرق، هي نتيجة للاستفزازات الاسرائيلية ولخرق العدو الاسرائيلي الدائم للقرار 1701".

وأضاف ميقاتي: "إنَّ مجلس الوزراء، ازاء ما تشهده غزة من إبادة منظمة تطال الأطفال والمدنيين وما تتعرض له الأحياء السكنية من تدمير وحشي ممنهج، يُدين بشدة هذه الأفعال الجرمية التي يقترفها العدو الاسرائيلي، ويسكت عنها المجتمع الدولي، كما يؤكد المجلس إنتصاره للمظلوم، وتضامنه مع الشعب الفلسطيني في نضاله، وحقه في الحياة وأرضه وكرامته الأنسانية"، وقال "إنني على تواصل، ليس فقط مع المسؤولين الدوليين، الذين بادروا إلى الاتصال لوضعنا في صورة الطلب إلينا السعي لتهدئة الأوضاع، بل أيضاً مع كافة القوى السياسية الفاعلة في لبنان، للطلب إليهم ضبط النفس وعدم الإنجرار إلى المخططات".
 
ودعا ميقاتي "القوى الفاعلة في المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي، إلى تحمّل مسؤولياتها والضغط لوقف اطلاق النار في غزة، والبدء بمفاوضات تؤدي إلى وقف دوامة العنف وعودة الهدوء"، مضيفاً "بالتوازي يجب العمل على تنفيذ مبادرة السلام العربية التي أقرّت في القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002 كخارطة طريق وحيدة لإحلال السلام واعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة . إنَّ لبنان، الذي يلتزم بتطبيق القرارات الدولية، وخصوصاً القرار 1701، يشدد في هذه المرحلة العصيبة على دور الجيش في حماية الأمن والاستقرار وعلى التعاون الوثيق بين الجيش وقوات اليونيفيل، وضرورة على الاستقرار الأمني، مع التأكيد إن قضية الشعب الفلسطيني العادلة هي في وجدان كلّ لبناني وعربي وكل إنسان يؤمن بالحق. وقد اجتمعت مع وزير الخارجية الذي أطلعني على أجواء اجتماعات جامعة الدول العربية وحرص الدول العربية على لبنان والاستقرار فيه، كما طلبت من معالي الوزير تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي ضدّ اسرائيل على خلفية اعتداءاتها المتكررة ضدّ لبنان". 
 
وتابع ميقاتي: "في جلسة اليوم التي شارك فيها  القادة الأمنيون، طلبنا من جميع المعنيين أن يكونوا على أهبّة الاستعداد لمواجهة أي طارئ، ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة لتجنيب لبنان تداعيات ما يحصل والمحافظة على الأمن وتأمين سلامة المواطنين وتوفير احتياجاتهم اليومية، كما شدّدنا على قيادة الجيش وقادة الأجهزة الأمنية بضرورة تفعيل الاجراءات المتخذة منعاً لأي اخلال أو استغلال للأوضاع، كما طلبنا من هيئة إدارة الكوارث عقد اجتماع طارئ واجراء المحاكاة اللازمة لمواجهة الأزمة".
 
وتطرّق ميقاتي إلى ملف النزوح، قائلاً: "لا بد من توضيح بعض الأمور، نحن لم ولن نقارب هذا الموضوع من منطلق عنصري، بل من دوافع حماية مصلحة لبنان واللبنانيين، وإنَّ المعالجة الجدية لهذا الملف لا تتم بالمواقف والمزايدات الشعبوية ولا بالتحريض بل بالتروي والعمل الدؤوب وتحمّل المسؤولية بين كل الوزارات والإدارات والأجهزة كما يحصل الآن".
 
وأضاف: "إنَّ هذا التحدي الكبير الذي يواجهه لبنان يمكن لنا أن نتخطاه بحسن التعامل معه، فهذه أزمة تشكّل قضية يجمع عليها اللبنانيون، وليست موضوعاً يجوز أن يفترقوا عليه، إذ إنَّ الكلمة الفصل في ذلك تتلخّص بوجوب عودة النازحين إلى وطنهم وبلداتهم وقراهم، وبالتالي لا يجوز أن يطرح هذا الموضوع بطريقة تحدث شرخاً بين اللّبنانيين، الطريق الصحيح لمعالجة هذا الموضوع تبدأ بجمع اللّبنانيين على موقف واحد موحّد يهدف إلى عودة النازحين إلى وطنهم بأسرع وقت ممكن من دون التسبب بمشكلات لا داعي لها بين اللبنانيين ولا بينهم وبين أشقائهم السوريين."

وأردف: "لهذا، فإنَّ التضامن الوطني بين اللبنانيين هو المطلوب، وهو الذي يمكننا من طرح هذه القضية أمام المجتمعين العربي والدولي كموقف لبناني جامع يتفق عليه كل اللبنانيين، ويطالب باتخاذ كل الإجراءات لعودة النازحين السوريين. وفي الخطوات العملانية سيزور معالي وزير الخارجية سوريا في الثالث والعشرين من الشهر الحالي مع أعضاء الوفد للبحث في الملف، وأضاف: "لقد دعونا إلى عقد هذا الجلسة، وكنا نأمل أن يلبي جميع الوزراء النداء الذي وجهناه، وأن يعوا دقة المرحلة التي يمر بها لبنان، وأن ينضموا إلى مجلس الوزراء لمقاربة الموضوعات الملحّة بمسؤولية وطنية".
 
واعتبرَ ميقاتي أنَّ "المقاطعة لا تجدي، ومن الضروري أن نصارح الناس بأنَّ القرارات التي إتخذناها، وهي ليست سريّة واطلعتم عليها جميعكم، كما والمراسيم التي  بلغَ عددها 1299 مرسوماً لا تتعلّق لا بفئة أو بجهة محدّدة، بل تتعلّق بقضايا على تماس مع مطالب الناس وحاجاتهم الملحة واليومية، وكل ما من شأنه استمرارية الدولة ومرافقها"، لافتاً إلى أنَّ "إذا كان البعض اتخذ المقاطعة كموقف سياسي في البداية، للضغط لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإنَّ الحكومة ليست الجهة المعنية بأي خطوة في هذا الملف، والمقاطعة لم تعد مجدية، بدليل أنَّ الأحداث تجاوزتها وباتت تفرض رص الصفوف والتعاون لتجاوز الصعوبات الحالية والداهمة ومواجهة التحديات الراهنة".

وقال ميقاتي: "في السياق ذاته، بعد أن كرس المجلس الدستوري  بموجب قراره رقم ٦ تاريخ ٣٠-٥-٢٠٢٣ دستورية جلسات مجلس الوزراء وقانونية الآلية المعتمدة لاتخاذ المقررات وإصدار المراسيم، ها هو مجلس القضايا في مجلس شورى الدولة، أعلى مرجع قضائي إداري، يقرّر اليوم رد الطعون المقدمة من بعض الوزراء المقاطعين، ما من شأنه أن يحصن دستورياً وقانونياً كل مقرّرات حكومة تصريف الاعمال، فإلى متى المكابرة من غير طائل ودون فائدة والمركب مهدد بالغرق في كل يوم وكل لحظة، لذلك اجدد  الدعوة والنداء فلنتعالى عن الخلافات في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها وطننا ولنتعاون جميعنا ونرص الصفوف لتجنب الصعاب التي نمر بها. والمطلوب أولاً كمدخل للحل الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية ليكتمل عقد المؤسسات الدستورية في هذه المرحلة المفصلية.
 
ختاماً، توجّه ميقاتي إلى اللبنانيين بالقول: "رغم دقة الوضع، فأنا أراهن على وعي القوى السياسية كافة وحسها الوطني، وما لمسته من الاتصالات الخارجية التي نقوم بها وزيارات الموفدين يؤكد الحرص على لبنان ووحدته وسيادته.
 
ومن ناحيتي فأنا أبذل كل الجهود، لكي أحافظ على مؤسسات الدولة وكيانها، وحري بمن يطلقون المواقف الشعبوية ويحمّلون الحكومة مسؤولية ما يحصل أن يلاقوا الجهد الذي نقوم به للخروج من المحنة، فالحكومة منذ اليوم الاول لعملها، ورغم كلّ التصدعات وحملات الافتراء والتجني، هي خط الدفاع الأساس والأخير عن الدولة ومصلحة لبنان العليا في هذه المرحلة الصعبة من تاريخه، نحن هنا لخدمة الناس وحماية لبنان".