مع تبدّل المشهد الجنوبي، تصاعدت وتيرة الاشتباكات عند الحدود، وسط ترقّب لتداعيات القصف الإسرائيلي على سيارة مدنية، الأحد، بين عيترون وعيناتا، واستشهاد سيدة وحفيداتها الثلاث، وإصابة ابنتها، فيما نجا آخرون بأعجوبة. وإذ بدّلت هذه الواقعة قواعد الاشتباك بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، المستمر منذ شهر تقريباً، بالتزامن مع الصراع الدائر في غزة، خصوصاً وأنَّ هذا القصف المتعمّد يعتبر الثاني من نوعه، بعد استهداف إسرائيل للطاقم الصحفي، منذ بضعة أسابيع، موقعةً عصام العبدالله شهيداً، بهدف إخفاء إجرامها وطمس الحقيقة.
فهل تدفع إسرائيل بالحزب نحو توسّع دائرة الاشتباكات، وماذا إذا ترجم كلام الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في خطابه الأخير، حين قال "المدني مقابل المدني" على أرض الواقع، خصوصاً بعد أن حدّد القرار 1701، في آب 2006، ما عُرف بقواعد اشتباك بين حزب الله وإسرائيل، والمتمثل بأن أي ردّ سيقابله رد مماثل، فيما حصلت خروقات عدة منذ ذلك الحين، ولكنها لم تتطور إلى حرب أو معركة.
في إطار تعليقه على الواقعة، أوضح العميد الركن المتقاعد د.خليل الحلو أنَّ "المصطلح المتداول لدى الإعلام بما يُسمّى "قواعد الاشتباك" غير دقيق، إذ لا قواعد اشتباك بين الأطراف المتنازعة، أيّ بين حزب الله وإسرائيل، بل إنَ هذا المصطلح يُطلق ضمن الجيش الواحد، أو بين جيشين صديقين، لتحديد طريقة التعاطي مع العدو".
وإذ وصف الحلو في حديث لمنصة "بلوبيرد لبنان"، المشهد في الجنوب على أنّه حرب مواقع، ورمايات على الحدود، عازياً السبب إلى أنَّ "لا محاولة من الحزب لاقتحام إسرائيل، وكذلك الأمر لدى الأخيرة، علماً أننا كنا أمام اشتباكات خفيفة ومحصورة بمزارع شبعا، إنمّا اليوم تمتد على طول الحدود من الناقورة حتّى جبل الشيخ، مروراً بالقطاع الغربي والشرقي والأوسط، على حد سواء".
وعن إمكانية توسّع رقعة الاشتباكات، لفت الحلو إلى أنَّ "منذ بداية الصراع في غزة كنّا أمام اشتباك واحد يومياً على الحدود، إنمّا اليوم ترتفع الحصيلة اليومية إلى 30 اشتباك، وبالتالي فالاستنزاف ينعكس علينا"، مذكّراً أنَّ "نصرالله أعلن في خطابه منذ بضعة أيام، أنَّ الحزب موجود منذ اليوم الأول، وبالتالي فإنَّ الأخير من بدأ بالمواجهة، وسط سقوط مدنيين لبنانيين وفلسطينيين، وعناصر من الحزب، كما هجرة القرى وتقييد الحركة الزراعية في المناطق الجنوبية".
الحلو شبّه الأحداث الجنوبية إلى مجريات الحرب العالمية الأولى، "مدفع ضدّ مدفع، خندق ضدّ خندق، وبالتالي لا معركة حربية بالمعنى الدقيق، مع إمكانية توسّع رقعة الصراع، وتفلّت الأمور إذا ما استهدفت إسرائيل منطقة مدنية، وأوقعت عدداً كبيراً من الضحايا، ما استدعى رداً حازماً من الحزب، والعكس صحيح، إذ من الممكن حينها اندلاع حرب شاملة وبالتالي فإنَّ الوضع لا يطمئن البتّة، وكلّ الاحتمالات واردة"، حسب تعبيره.
ومع استمرار التوتّر الحدودي، يبقى التصعيد رهن تطوّر الأوضاع الإقليمية والميدانية على حدّ سواء، ليرتبط المشهد في الأيام المقبلة بمسار الصراع الدائر في غزة، وتداعياته على لبنان، ليُحدّد مدى إمكانية توسّع الأحداث.