رداً على الشكوى الإسرائيلية... شكوى لبنانيّة أمام مجلس الأمن

بناء لتوجيهات رئيس حكومة تصريف الأعمال، أوعز وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب إلى مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة بتقديم شكوى بتاريخ ٩ كانون الثاني ٢٠٢٤ أمام مجلس الأمن الدولي رداً على الشكوى الإسرائيلية الأخيرة حول عدم التزام لبنان بقرار مجلس الأمن ١٧٠١.


وقد تضمّن نص الشكوى المرفوعة:
"إدانة الأعمال العدائية التي تقوم بها القوات الإسرائيلية منذ ٧ تشرين الأول ضد لبنان تزامناً مع حربها على غزة وأدلة موثقة حول خرقها للقرار ١٧٠١ وقلب الحقائق من خلال تحميل لبنان مسؤولية تعدياتها السافرة على سيادته وسلامة أراضيه. ونورد فيما يلي بعض الأدلة الموثقة للاعتداءات الإسرائيلية التي تشكل خرقاً فاضحاً للفقرة ١ من القرار ١٧٠١ حيث تستمر إسرائيل بالقيام بعدة عمليات عسكرية هجومية تم تفصيلها في نص الشكوى، ومنها إطلاق القوات الإسرائيلية قذائف فوسفورية محرمة دولياً مستهدفةً عدة مناطق في خراج بلدات عيترون وميس الجبل وبليدا ما أدى إلى اندلاع حرائق في الأحراج، وإتلاف ٥٠ ألف شجرة زيتون، وإصابة مدنيين بحالات اختناق، بانتهاكٍ صريحٍ وصارخٍ للقانون الدولي الإنساني والذي يرتقي إلى جرائم الحرب. في الإطار عينه، استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية فريقاً صحفياً بصاروخين موجهين ما ادى الى وفاتهما ووفاة مدني آخر صودف وجوده في المكان بتاريخ ٢١/١١/٢٠٢٣؛ كل هذه الأعمال العدائية إضافة إلى عشرات الطلعات الجوية العسكرية للطيران الحربي والمسيرات الاسرائيلية في الاجواء اللبنانية تشكل خرقاً موصوفاً للفقرة ٤ من القرار ١٧٠١ والتي يؤكد مجلس الأمن بموجبها "تأييده الشديد للاحترام التام للخط الأزرق". هنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والمستمرة أدت إلى تهجير ما يزيد عن ٧٥ ألف مواطن لبناني من منازلهم في البلدات الجنوبية".

في ضوء ما تقدم، يستغرب لبنان دعوات الجانب الإسرائيلي المتكررة إلى بسط سلطة الحكومة اللبنانية في المناطق المتاخمة للخط الأزرق واضطلاع قوات اليونيفل بمسؤولياتها بكفاءة وفعالية، في حين استهدفت القوات الإسرائيلية بتاريخ ٥/١٢/٢٠٢٣، مركزاً تابعاً للجيش اللبناني في الجنوب بشكل مباشر بأربع قذائف ما أدى إلى تدميره بشكل كامل، استشهاد جندي لبناني وإصابة ثلاثة عسكريين اثنان منهم حالتهما حرجة، كما أن الاعتداءات الإسرائيلية على مراكز الجيش اللبناني قد و صلت إلى ٣٤ اعتداءً منذ اندلاع الأحداث في ٧ تشرين الأول ٢٠٢٣ بانتهاكٍ صريح للفقرة ٥ من القرار ١٧٠١ ، والذي يعيد بموجبه مجلس الأمن "تأكيـد تأييـده الـشديد حـسب مـا أشـار إليـه في جميـع قراراتـه السابقة ذات الصلة، لسلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعتـرف بها دولياً، حسب الوارد في اتفاق الهدنة العامة بين إسرائيل ولبنـان المـؤرخ في ٢٣ آذار/مـارس ١٩٤٩"؛ إضافةً إلى استهداف إسرائيل لمراكز اليونيفل بالقذائف ومن خلال اطلاق النار على الدوريات التابعة لقواتها، ما يقوض جهودها بتنفيذ مهامها ويشكل خطراً وتهديداً "لأمنها وسلامتها واستهتاراً إسرائيلياً بمبادئ الشرعية الدولية، بتحدٍّ واضح للولاية الممنوحة لقوات اليونيفيل وفقاً للفقرة ١٢ من القرار ١٧٠١، علماً أن إسرائيل ما زالت تحتل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتنفذ اعمالاً هندسية فيهما، كما تتقاعس إسرائيل عن إظهار الحدود في النقاط المتحفظ عليها من قبل لبنان وعددها ١٣، مما يعرقل جهود التوصل الى حل طويل الاجل وفقا" للفقرة ٨ من القرار ١٧٠١. إن السلوك الإسرائيلي في عدم احترام القرار ١٧٠١ هو استكمال لمسار طويل قوامه تجاهل القرارات الدولية منذ صدور القرار ٥٠ للعام ١٩٤٨ مروراً بالقرار ٢٤٢ للعام ١٩٦٧ والقرار ٢٧٩ للعام ١٩٧٠ والقرار ٣١٣ للعام ١٩٧٢ وصولاً للقرار ٤٢٥ للعام ١٩٧٨.


بناءً على ما تقدم، يعيد لبنان التأكيد على سياسته الثابتة في الحق بالدفاع عن النفس والعمل على استرجاع حقوقه بالوسائل المشروعة ومن ضمنها اللجوء إلى الأمم المتحدة، كما يكرر التزامه بالتنفيذ الكامل للقرار ١٧٠١، ويؤكد حرصه على خفض التصعيد وإعادة الهدوء على طول الخط الأزرق.

وقد طلب لبنان مجددا من مجلس الامن الدولي التطبيق الشامل والكامل للقرار ١٧٠١، ضمن سلة متكاملة بضمانات دولية واضحة ومعلنة، وفقاً لما يلي مما قد يفرز أمناً مستتباً واستقراراً أشمل وذلك عبر إظهار الحدود الدولية الجنوبية المرسمة العام ١٩٢٣ بين لبنان وفلسطين والمؤكد عليها في اتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان واسرائيل في جزيرة رودس اليونانية وبإشراف ورعاية الامم المتحدة بتاريخ ٢٣ آذار (مارس) العام ١٩٤٩، والتزام البلدين الكامل والصريح بتلك الحدود. ذلك يعني استكمال عملية الاتفاق على كل النقاط الـ ١٣ الحدودية المتنازع عليها. ويمكن ايضاً الإستعانة بالولايات المتحدة وفقاً لما تم سابقاً في اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢٢، يضاف إلى ذلك وقف نهائي للخروقات الاسرائيلية، البرية والبحرية والجوية لسيادة لبنان وحدوده المعترف بها دولياً، بالإضافة إلى عدم استعمال الاجواء اللبنانية لقصف الاراضي السورية، فضلاً عن انسحاب اسرائيل الى الحدود الدولية المتفق عليها، بدءاً بالنقطة B1 في منطقة رأس الناقورة الواقعة ضمن الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً وصولاً الى خراج بلدة "الماري" التي تشكل بجزء منها التمدد العمراني لقرية الغجر، بالإضافة الى انسحاب اسرائيل الكامل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، تطبيقاً للفقرة ١٠ من القرار ١٧٠١.

كما تطلب الحكومة اللبنانية دعم الأمم المتحدة الدولة اللبنانية لبسط سلطتها على كامل الاراضي اللبنانية من خلال تقوية القوات المسلحة، لا سيّما من خلال تقوية وتعزيز انتشار هذه القوات جنوب نهر الليطاني وتوفير لها ما تحتاج من عتاد وعديد بالتعاون مع اليونيفيل بحيث لا يكون هناك سلاح دون موافقة حكومة لبنان ولا تكون هناك سلطة غير سلطة حكومة لبنان، التزاماً بالفقرة ٣ من القرار ١٧٠١. كما يجب العمل على تسهيل العودة الآمنة والكريمة للنازحين من المناطق الحدودية التي نزحوا منها بعد ٧ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣.


وفي الختام، أكدت الشكوى أن التزام إسرائيل بالقرار ١٧٠١ يحتم عليها أيضاً احترام الفقرة ١٨ من القرار ١٧٠١ الذي يؤكد أيضًا أهمية تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط وضرورته، من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة لا سيما القرارين ٢٤٢ (١٩٦٧) و٣٣٨ (١٩٧٣) وقيام الدولتين وفقاً للقرار ١٥١٥ (٢٠٠٣).