أكد رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، أنّ "البترون تقدّم اليوم نموذجًا جديدًا عمليًّا وعملانيًّا لحلّ مشكلة النازحين السوريين في قضائها تحت سلطة البلديات وتطبيق القوانين اللبنانية".
وأضاف في المؤتمر البلدي والإختياري لتنظيم الوجود السوري في قضاء البترون: "أكون فخورًا وسعيدًا أكثر اذا نجحنا معًا بتحقيق نتائج عمليّة حول تخفيف اعداد النازحين السوريين غير الشرعيين تدريجاً من منطقتنا وصولاً إلى جعل البترون خالية تماماً من النازحين السوريين".
وتابع: "لا أقول السوريين بل أقول غير الشرعيين، لأن السوريين هم شعب جار وصديق وعزيز، وجزء منهم يعمل معنا في حياتنا وهم جزء من مجتمعنا المنتج الذي نريد الحفاظ عليه، ولكن ضمن حاجاتنا وإمكانيّاتنا وقدراتنا، وليس أكثر ممّا تحتمل الأرض والموارد، فنحن لا نريد تخريب العلاقة الانسانية مع الشعب السوري، كما العلاقة المميزة مع دولتهم، ولا نريد أن نفقد الحس الانساني لدينا بالتعاطف مع شعب تعذّب وتهجّر من أرضه، ولا نريد أن نكون عنصريين، ولكن نريد ببساطة أن نكون وطنيين، وهذا يحتّم أن نفضّل شعبنا وبلدنا على أي شعب وبلد آخر".
وأشار باسيل إلى أن "الجميع يعرف موقف التيار الوطني الحر من الازمة السوريّة، وتحديداً من موضوع النازحين منذ اللّحظة الأولى عندما كان عدد النازحين 3000 فقط، حين رفع بنفسه الصوت في مجلس الوزراء وخارجه، وطالب بضبط الحدود ومنع الدخول إلاّ للحالات الانسانية والصحيّة الصرف بقرار من وزيري الصحة والداخلية، وطالب بعد دراسة الخرائط والمواقع بإنشاء مخيّمات على الحدود من الجهة السورية بـNo Mans land وتأمين مداخل للمساعدات الانسانية لها من جهة لبنان، بما يجنّبنا انتشار عشوائي للنازحين السوريين في المدن والبلدات من جهة، وانتشار للمخيّمات داخل لبنان من جهة ثانية".
وأضاف: "تعرفون بالتأكيد كم من خطّة ومشروع وقرار وقانون قدّمت لإعادة النازحين لسوريا، وكم من مؤتمر داخلي واقليمي وعربي ودولي شاركت فيه ورفعت الصوت وأكّدت من البداية أنّ النزوح السوري هو خطر وجودي وكياني، وكم تعرّضت بالداخل والخارج لهجمات اتهمتني بالعنصرية واللاإنسانية حتى وصلت الامور إلى أنه وخلال حراك 17 تشرين ظهرت المقولة الشهيرة (نازحين جوا جوا وباسيل برا برا)" .
وأوضح أنه لم يتم النجاح الاّ العام 2020 بإقرار خطة عودة النازحين من قبل الحكومة اللبنانية، ولكنّها بقيت من دون تنفيذ فعلي. وذكّر بقرار المجلس الاعلى للدفاع الذي اتّخذ في 15 نيسان 2019 وكان يقضي بترحيل فوري للنازحين الداخلين خلسة، وبقي أيضًا من دون تنفيذ فعلي، وكذلك قرار مجلس الوزراء بوقف تسجيل النازحين في نهاية 2014 من قبل الـUNHCR بقي من دون تنفيذ فعلي، حيث تحوّلت إلى تسجيلهم من Registered إلى Recorded، ولمّا اتخذ اجراءات بحقّها هاجمه المسؤولون اللبنانيون أكثر من المسؤولين الدوليين".
ورأى أنه "عندما تطالَب القوى الامنية وتحديداً الجيش بالتشدد على الحدود البريَّة لمنع دخول النازحين مثل ما يتشدّدون على الحدود البحرية لمنع خروجهم، يصور البعض الموضوع كمشكلة شخصية مع قائد الجيش، وهكذا يُفقد الأمل من الحكومة المركزية وإمكانية أنّها تقوم بعملها".
وقال إن "الاتكّال على الدولة المركزية بوزاراتها وإداراتها ومؤسساتها هو بغير محلّه وليس لأنّها عاجزة بل لأنّها غير راغبة، ولأن القرار السياسي غير موجود إلاّ بالكلام الجميل، امّا التنفيذ فيبقى معدومًا، وذلك بسبب الخضوع للرغبة الخارجية بابقاء النازحين على أرضنا".
وقال: "والترجمة الأخيرة لهذه الرغبة كانت في المشهد الذي رآه الجميع لدى مجيء رئيسة المفوضية الاوروبية فاندرلاين وتقديم الهبة الاوروبية - المزحة والتصفيق لها، والتهليل بإغلاق الحدود البحرية أمام خروج النازحين مقابل فتح باب الهجرة للعمال اللبنانيين الموسميين إلى أوروبا".
وأضاف: "نحن ومنذ وقت طويل طلبنا من قيادة القوات اللبنانية، عبر القناة الرسمية المفتوحة بيننا، من خلال النائب جورج عطا الله والنائب فادي كرم، أن نقوم في العمل البلدي معًا في كل لبنان في ملف النزوح، هذا ما لم يحدث". وشكر باسيل للنائب يزبك وقبله النائب كرم الجهد الذي يبذل مؤخراً .
وأضاف: "ولهذا نحن التقينا فوراً معه لنعمل معًا ونقول إنه يمكننا أن نختلف بالسياسة ونتنافس في الانتخابات، ولكن ممنوع أن نختلف على وجود البلد وعلى الشراكة فيه، وعلى هويته وسيادته وثقافته ودورنا فيه، لأنه وإذا فقدت إحدى هذه الركائز زلنا كلّنا. ففي هذه الأمور، من المعيب ألا نعرف أن نعمل معًا، وأن نضع خلافاتنا جانبًا ونعمل على حماية ناسنا والمحافظة عليهم".
وتابع: "جرحنا كبير مما حدث معنا في موضوع النازحين منذ الـ2011 وحتى اليوم، ولكن لا يحق لنا أن نبدّي جرحنا على بلدنا، وعندما يعود أحدهم ويصوّب سياسته ويصحّحها، نلاقيه ونسامحه على الماضي ونتطلّع معًا للمستقبل".
وأضاف: "لا يمكننا أن نزوّر الماضي والحقائق، ولكن يمكن أن نتخطّاها ونتطلّع الى الأمام ونرى كيف يمكن ان نتساعد معًا؛ لأن كل منا بمفرده لا يمكن أن ينجح. وهذه المسؤولية تفرض علينا أن نفكر هكذا، أمّا الانانية والحقد فيهدمان ولا يبنيان الاّ كراهية مضادّة تدمرنا جميعًا. وتحية للنائب غياث يزبك ولكل جهد من القوات وغيرهم بملف النزوح".
ونوّه باسيل بنموذجين بلديين أساسيين يمكن الاقتداء بهما: "الأول هو بلدية الحدت حيث انتفى وجود أي نازح سوري ضمن نطاقها سوى العامل الشرعي، والثاني هو بلدية الدكوانة حيث تم العمل على مبدأ تغريم المخالف لتخفيف الاعداد وتحقيق ايرادات كبيرة للبلدية".
وأضاف: "نحن في البترون قادرون أن نجمع بين النموذجين المذكورين، ضمن القانون وضمن صلاحية البلديات والمخاتير وبمتابعة وإشراف من القائمقام والمحافظ، وبمساعدة من القوى الامنية، ومن دون ممارسة أي كراهية أو تحريض أو استفزاز، بل عبر تطبيق القوانين وفقط، ولو انزعج بعض الناس المستفيدين لا شرعياً من ايجار أو سكن أو تجارة أو عمل، فالبلد ووجوده أهم من مصالح صغيرة و(لبنان مش للبيع)".
ورأى أنه "ما من عذر يسمح لرئيس بلدية، وخصوصاً الاصوات الانتخابية، أن يفشّل مشروع حماية المنطقة والبلد من خطر زواله فعلينا ان نخلق الوعي عند الناس بكل انتماءاتهم".
وأضاف: "فالعامل الذي يريد أن يعمل يجب أن يكون شرعيًّا ويحمل إجازة عمل، وإقامة لمن يريد السكن، ولا يحق له أن يأتي بعائلته، فالاجازة له وحده. أما العائلات فيجب أن تعود الى بلدها والعامل يقوم بزيارتها أو يرسل لها المال".
وأكد باسيل أنه وفي البترون تتم متابعة تجمعات سكنية غير مناسبة بوجودها مع طبيعة البلدة، فعلى سبيل المثال لا يمكن لبلدة صغيرة مثل "كُبّا" ان يكون فيها 1150 نازحا، وأن يكون المزارعون في كفرحلدا كلهم سوريين من دون أي لبناني، وأن تحوي المدارس الرسمية في البترون على 1666 طالباً لبنانياً فقط مقابل 2272 طالباً سورياً".
وأشار إلى أن "المحافظ مشكور لأنه يساعد ويتّخذ قرارات اخلاء، والقائمقام يقدر أن يكون رأس حربة في هذا المشروع، وكذلك كل رئيس بلدية لديه مسؤولية كبيرة". وأضاف: "واذا انزعج أحد من المواطنين (حطّوها فيّي)، فأنا معتاد على الغضب مني. (اذا انتوا ما بتحملوا، انا بحمل عنكم) فأنا مستعد أن أحمل على المستوى الوطني وعلى المستوى البتروني، والنائب يزبك موجود معنا اليوم، وكلّنا يجب أن نتساعد ونحمل عن بعضنا، كي نحمي وجودنا ومنطقتنا وبلدنا".
وبالنسبة للتيار، أشار باسيل إلى أنه "منذ وقت طويل، تم تأليف لجنة مركزية للنازحين ولجان مناطقية وبدأ العمل مع البلديات لأن تملك الصلاحيات وعندها الحسّ المحلّي وهي الأمل الوحيد الباقي لتحقيق بعض الانجازات ولو كانت بلدية ومحدودة".
وتابع: "وعلى هذا الأساس، عقد التيار مؤتمرات للبلديات في اقضية عدة، وخصوصاً بجبيل وكسروان والكورة وغيرها، بالاضافة إلى مؤتمر مركزي كبير للبلديات شاركت فيه أكثر من مئتي بلدية، صدرت عنه توصيات إلى جانب كتيّب وPlatform لمتابعة عمل البلديات والاجراءات المتخذة من قبلها في هذا المضمار وما نجح منها. والحقيقة أن عددًا كبيرًا من البلديات نجح بتخفيض أو إنهاء وجود النازحين ضمن نطاقها".
وأوضح أنه ومنذ زمن قام التيار بالكثير من العمل وبلقاءات للبلديات، ولكن ميزة هذا اللقاء اليوم هي أنه "يجمعنا كلّنا لكي نخطّط ونتكلم وننفّذ معًا، لهذا فمن غير المسموح أن نفشل، فوجودنا هنا معًا هو حافز لبقية المناطق والبلديات أن يقوموا بالمثل".
وأعتبر أن "توصيات المؤتمر توصيات جيدة اذا تم تنفيذها بالأمن والسكن والعمل والتجارة والمؤسسات والجمعيات والمدارس والمخيمات والدراجات والاملاك الخاصة والعامة والمحاضر والضرائب وغيره والعنوان واحد: تنفيذ القانون، وقمع المخالفات بالقانون، وبشكل حضاري لا عنفي، فالقوّة نتركها للقوى الأمنية، ونحن لا نطبّق الأمن الذاتي ولا الأمن الخاص".
كذلك، شدّد باسيل على أن "اللبنانيين ليسوا بحاجة للأوروبي ولا لأي اجنبي كي يعلمهم حسن الضيافة، فقد أثبت لبنان أنه اكثر بلد مضياف في العالم. كما انهم ليسوا بحاجة لأحد كي يعلمهم حقوق الانسان، فلبنان هو أكثر بلد احترم الانسان وحافظ على السوري وآواه على الرغم من كلّ شي تعرّض له. واللبنانيون ليسوا بحاجة لأحد يدفع لهم المال". وأضاف: "نحن أكثر بلد مانح في موضوع النازحين، فقد منحنا لغاية اليوم 57-58 مليار دولار للنازحين. أوروبا أعطتنا مند العام 2011 حتى اليوم 2,6 مليار يورو فقط، وهذه المليار التي تعدوننا بها لا نريدها لمساعدة السوريين ليبقوا في لبنان، نأخذها اذا كانت لمساعدة السوري ليرجع إلى بلده".
وفي الختام، شكر باسيل النائب والمحافظ والقائمقام ورئيس الاتحاد وكل رؤساء البلديات وأعضائها وكل المخاتير وكل الحاضرين الذين "يتعاونون معنا لنجعل البترون نموذجًا في كل شيء ومثلًا للكلّ ولنجعل البترون خالية من النزوح السوري".
وأكد أنّ "لبنان والبترون ليسا للبيع، فلبنان للبنانيين والبترون للبترونيين وللبنانيين، ولبنان والبترون لأهلهم وليس لأي أحد آخر. لا نقدر أن نعطيهم لأحد سوى أولادنا وشبابنا، وهيدا دين علينا لهم".