ثلاثة أسابيع تفصل لبنان عن انتهاء ولاية حاكم مصرفه المركزي رياض سلامة، ولم يعد من خيار أمام حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، سوى تطبيق القانون الذي يتيح لنائبه الأول وسيم منصوري، القيام بتسيير وتدبير شؤون الحاكمية خلفاً له، لأن ميقاتي ليس في وارد طلب التمديد له أو تعيين من يخلفه في منصبه، كما أشار، لأنه لا يريد أن يعمّق الشرخ بين اللبنانيين، أو أن يرفع من منسوب الانقسام الذي بلغ ذروته مع انسداد الأفق أمام انتخاب رئيس للجمهورية بعد أن دخل الشغور الرئاسي في شهره التاسع.
وأكد ميقاتي في حديث لصحيفة " الشرق الأوسط" أن تكليف سلامة بتسيير أمور مصرف لبنان إلى حين تعيين من يخلفه بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء ليس مدرجاً على جدول أعماله، وقال إنه لن يغطي التمديد لسلامة لقطع الطريق على من يتهمه بأنه يوفر الغطاء السياسي له بذريعة أن لديه مصلحة شخصية في إبقائه على رأس حاكمية مصرف لبنان.
ولفت إلى أن الحل لملء الشغور في حاكمية مصرف لبنان فور انتهاء ولاية سلامة يكمن في تطبيق القانون الذي يسمح لنائبه منصوري القيام بالمهام الموكلة إليه، مشيراً إلى أنّ من لديه حل آخر فما عليه إلا أن يتقدم به، "وأنا من جانبي لن أرشّح أي اسم لخلافة سلامة".
وسُئل ميقاتي ما العمل في حال نفذ نواب حاكم مصرف لبنان تهديدهم بالاستقالة من مناصبهم بعد أن كانوا ألمحوا في البيان الذي أصدروه إلى نيتهم بالاستقالة احتجاجاً على عدم تعيين خلف لسلامة؟ فأجاب أن وزير المال يوسف خليل سيطلب منهم الاستمرار في تسيير المرفق العام، وهذا ما ينطبق على مصرف لبنان.
ورأى أنه لن يُستدرج للدخول في مزايدات شعبوية مع أي طرف، مؤكداً أنه لم يتردد ولو للحظة واحدة بسحب قراره بتشكيل لجنة أمنية قضائية عقارية للنظر في النزاعات الحدودية بين عدد من البلدات، الذي جاء في أعقاب الحادث الأليم الذي حصل في القرنة السوداء وأودى بحياة شابين من بلدة بشري.
وأضاف أن الحملة الإعلامية والسياسية التي استهدفته لم يكن من مبرر لها وأنه توخى منها تطويق أية محاولة لجر المنطقة إلى فتنة طائفية، مع أن لجنة مماثلة كانت شُكلت إبَّان تولي الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة وأن ما قام به يقتصر على ضم ممثل عن وزارة العدل إلى اللجنة.
واستغرب الحملات السياسية والإعلامية التي تتعامل مع الشغور في رئاسة الجمهورية، ولاحقاً في حاكمية مصرف لبنان وكأن المسؤولية تقع على عاتق حكومة تصريف الأعمال التي تعيق انتخاب الرئيس، برغم أنها تقع أولاً وأخيراً على عاتق الكتل البرلمانية التي لا زالت منقسمة على نفسها، وقال: "كفى ظلماً للحكومة".
وأضاف: "لا حل للأزمات التي تتراكم يوماً بعد يوم وترمي بأعبائها على كاهل اللبنانيين إلا بانتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، لأن انتخابه سيوفر على البلد المزيد من الاستنزاف على المستويات كافة".
كما أشار ميقاتي إلى "أنهم يحمّلون الحكومة مسؤولية الانهيار من دون أن يسأل أصحاب هذا الاتهام أنفسهم عن دورهم في تعطيل العمل الحكومي والتحريض عليها، فيما يتعذر انتخاب الرئيس، وبالتالي من غير الجائز رمي الكرة في مرمى الحكومة برغم أن المسؤولية تقع على من يعيق انتخابه من جهة ثانية".
واستبعد ميقاتي القيام بجولة من المشاورات تتعلق بملء الشغور في حاكمية مصرف لبنان مع انتهاء ولاية سلامة في 31 تموز الحالي، وقال إنه من الطبيعي التلاقي باستمرار مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في إطار التنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكرر قوله بأنه عدل عن المذكرة التي أعدّها للنظر في النزاعات العقارية بين عدد من البلدات التي لم تقتصر على الخلاف الحدودي بين بلدتي بشري وبقاع صفرين بذريعة أنها تتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات وتحديداً السلطة القضائية التي تذرّع بها من قاد الهجوم السياسي على رئيس الحكومة.
توازياً، بدا الرئيس ميقاتي حاسماً أمس في التأكيد أن أي دعوة للتمديد للحاكم لن تحصل بتاتاً وأصبحت نتيجة هذا الخيار تساوي صفراً لأن السير بالتمديد سيؤدي إلى إطلاق جملة من الاتهامات والقول أن رئيس الحكومة يساهم في حماية المنظومة، وهذا الأمر غير وارد عنده.
وحسم ميقاتي أيضاً بأن لا نية ولا استعداد عنده للتوجه إلى دعوة مجلس الوزراء للانعقاد ووضع بند على جدول أعماله لتعيين حاكم جديد.
وردد بأنه لا يريد ولا يقبل بإحداث شرخ في البلد واذا كان المسيحي الماروني يعتبر التعيين الآن ضرب لطائفته في غياب رئيس الجمهورية، "فأنا لا أقبل بهذا الإجراء وعلى الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم".
وكرر بأنه يرفض استفزاز الموارنة أو غيرهم "ولا أريد استفزاز أحد ولن أذهب إلى التعيين. وليعجّل الجميع في انتخاب رئيس الجمهورية".
ونفى ميقاتي أنه كان يحضّر ورئيس مجلس النواب نبيه بري لتعيين حاكم ولم ير أن أي شيء يوجب الدعوة إلى عقد جلسة حكومية، وأن لا صحة أنه يضع اسماً في جيبه ليطرح تعيينه في حاكمية البنك المركزي.