لفت رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي السابق وليد جنبلاط إلى أن "الحرب الأهلية في لبنان كانت داخلية، وكان لها ضوابط خارجية، سوريا والمملكة السعودية، وكانت ساحتها محدودة، أما في حرب العام 2006 فقد كان ثمّة دول تحاول تجنيب لبنان الحد الأدنى من الخسائر، وكان هناك جاك شيراك والملك عبدالله وحسني مبارك، فانحصرت الحرب في بعض المناطق، لكن اليوم لا أحد جانبنا في ظل الانحياز الغربي الهائل لإسرائيل، وتحديداً الفرنسي الذي كان ضد التوازن في أوروبا، فأوروبا مُلحق بأميركا، واميركا ملحق باسرائيل".
وقال جنبلاط في مقابلة تلفزيونية: "الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون بنظره وكأننا ما زالنا نعيش في الاستعمار الفرنسي في الجزائر، إحدى تصريحاته الشهيرة أنّه لم يكن هناك حضارة جزائرية قبل الاستعمار. وأذكّره هنا بإحدى كبار الشخصيات الجزائرية الأمير عبد القادر الجزائري. ماكرون أتى إلى فلسطين ورأى نتنياهو وتحدث عن حلف داعش حماس، وعندما ذهب على عمّان غيّر رأيه. لا تتشابه داعش وحماس، فحماس شيء وداعش منظمة إرهابية. كل أوروبا متورّطة، فالأميركيون ورّطوها كما ورّطوا الروس بهذه الحرب الهائلة، وفي الشرق العربي مشروع الدولتين الذي كان يجب أن يُنادى به منذُ خمسين عاماً تمّ نسيانه".
وحول ما يجري في جنوب لبنان، اعتبر جنبلاط أنه "حتى الآن الإيقاع العسكري جنوباً ضمن الحدود ومَدروس. لكن عندما تبدأ الحرب لا أحد يعرف كيف يُسيطر عليها. حتّى لو كان حزب الله يعلم تجربة 2006 ومآسيها، مع تلك الأساطيل الكبيرة التي لم تأتِ إلى البحر المتوسط كنُزهة، وهي أساطيل هجومية ستُشارك في حال اشتعلت جبهة الجنوب، أو في حال لم تكفِ مُهمّة الطيران الإسرائيلي في غزة، وهناك قوات مارينز التي تنزل على الأرض ستشارك في عمليات دلتا. الجيش الاسرائيلي يتباهى بهذه القدرة الهائلة، لكنه في النهاية جيشٌ جبان ومجرم والقتل هو عنوانه".
وعن إجلاء السفارات لرعاياها من لبنان، أوضح جنبلاط أن "كل السفارات طلبت من رعاياها مغادرة لبنان. انهم يتحاشون لبنان في حال حصول أي حدث، حتى الآن لبنان لم يُجر إلى الحرب، ولكن لا أحد يعرف متى يتم تخطّي الخطوط الحمر".
وأشار إلى أنّ "قرار حزب الله لبناني، لكن قد يكون ثمّة حيثيات خارج لبنان تذهب إلى الجمهورية الإسلاميّة في إيران"، لافتا إلى أنّ تصريحات وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان "مُلتبسة، ولا نعلم بالعقل الإيراني أين الدبيلوماسية". وأضاف: "أنا عليّ أن أتخوف كَوْن تلك الأساطيل قد تهدف إلى ضرب الجمهورية. إسرائيل لم تستطع بعد كسب المعركة في غزة، لكن أقول أنّ تلك الأساطيل قد تكون مهمتها مساعدة إسرائيل في غزة ومجابهة الخطر المُحتمل أو العدو المُحتمل الذي هو الجمهورية".
وعما إذا سيُصبح هناك حرب شاملة، ردّ جنبلاط: "بكل تصريحاتي لم أقل إنني أحبذ الحرب، وما من أحد يستطيع القول نعم للحرب، واكتفيت بالقول أتمنى ألا نُستدرج إلى الحرب، لأنه عندها لن يبقى شيء من لبنان، سيبقى أشلاء".
ورداً على سؤال عما إذا كان راضياً بأداء حزب الله العسكري، أجاب جنبلاط: "أقرأ من بعيد، وأرى هذا الآداء العسكري والأداء المُضاد، حتى الآن لم يخرج عن القواعد لكن قد يخرج. أتمنى لحسابات محليّة ولحرصي على عدم توريط لبنان أن لا ندخل في الحرب".
وفي السياق، توجّه جنبلاط إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، قائلاً: "أقول لنصرالله أتمنى ألا ينزلق لبنان إلى الحرب حرصاً على لبنان وأهل الجنوب، وهو مُدرك لهذه المعاناة على ما أعتقد، والمطلوب ضبط النفس".
ورداً على سؤال حول مشاركة مجموعات أخرى غير "حزب الله" في جنوب لبنان، قال جنبلاط: "أقول لحزب الله يكفي أن تكون الآلة العسكرية لكم وحدكم في الجنوب، ممسكة بقرار السلم والحرب، بالإضافة إلى وجود الجيش اللبناني. لكن عندما تدخل تلك الفصائل، قد يكون قرار البعض منها ليس بيد حزب الله، وقد يكون هناك مصالح ثانية إقليمية أو محلية قد تحرج "حزب الله" وتدخله في حرب شاملة خارج إدارته. والأفضل أن يراقب أكثر كي يبقى قرار السلم والحرب بيده. وفي هذه الظروف لا يمكن أن نعطي نظريات حول الاستراتيجية الدفاعية، إنما إذا خرج لبنان بعد 3 أشهر من دون حرب، يمكننا دراستها، ولكن اليوم لا يمكن الحديث عن السيادة، فأي بلد عربي لديه سيادة أمام تلك الأساطيل؟ لا أحد".
ورأى أنه "إذا لم يُعالَج هذا القهر في غزة فالقتال سيستمر. لذلك، يجب فك الحصار ووقف اطلاق النار، للوصول الى الحل السياسي", مشيراً إلى محاولات الدخول برا إلى غزة تتطلب الوقت، والحرب قد تطول شهرين أو اكثر، إذا انتهت".
وعن حديث عبد اللهيان أن لبنان حاضر لخوض الحرب، قال جنبلاط: "اعترض على كلامه، لأنه يدعو إلى الذهاب نحو الحرب، ولكن هل الاستاذ عبد اللهيان مرتاح للبلاد التي تقول إيران إنها تسيطر عليها، أي سوريا والعراق؟ فهل سوريا اليوم تعد مثالاً باهراً للازدهار؟ أصبحت خراباً. أما العراق فأخف وطأة إلى حد ما، إذ إنه غني بالنفط. لكننا لا نستطيع التباهي بالمناطق التي يقول الإيرانيون إنهم يسيطرون عليها، بل الأجدر بنا أن نبقى في لبنان، لدينا مؤسسات وجامعات ومستشفيات، وأن يستفيدوا من ذلك، لذا لا تورطونا بحرب إذا أمكن".
وعن التماسك الداخلي للمجتمع إذا ما حصلت الحرب، اعتبر جنبلاط أن "لا خوف من انحلال هذا التماسك، إنما هناك بعض الجزر الانعزالية عند كل الطوائف، لكن في النهاية إذا حصلت الحرب فستكون آفة لا مثيل لها، فأين 2006 وأين اليوم؟". وقال: "لا مهرب. إذ لا أحد إلّا وسيكون مستهدفاً على مستوى الأوساط كافة".
وفي الشأن الرئاسي، قال جنبلاط: "الهم كبير اليوم. البعض يدخلنا في تفاصيل صغيرة والحرب "ماشية" في الجنوب. إذا لم يكن ثمة رئيس للجمهورية نريد حكومة فاعلة وتشريعا فاعلا. وهل يمكننا التمسّك بجهازين تشريعي وتنفيذي فاعلين لتمرير الشهرين من إمكانية اندلاع حرب؟ أو من محاولة ترميم الداخل؟ لأن الحرب "ماشية" في الجنوب".