أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي "أن الوضع في الجنوب لا يخلو من الحذر، ولكن الأمور بإذن الله تتجه إلى نوع من الاستقرار طويل الامد". وأشار الى "أن الاتصالات مستمرة في هذا الصدد وساعقد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع العديد من المسؤولين الدوليين خلال مشاركتي في مؤتمر ميونيخ يومي الخميس والجمعة المقبلين من بينها مع اموس هوكشتاين، لمعرفة اين اصبحنا في مسار التهدئة وإعادة الاستقرار".
وكان ميقاتي يتحدث خلال استقباله جمعية الإعلاميين الاقتصاديين بعد ظهر اليوم في السرايا.
وقال رئيس الحكومة: التحدي الأكبر أمامنا يتمثل بوضع الجنوب، وكل الرسائل التي اتوجه بها إلى الموفدين الخارجيين وجميع المعنيين أننا طلاب أمن وسلام واستقرار دائم في الجنوب. نحن مع تطبيق القرار ١٧٠١ كاملاً ونريد خطة لدعم الجيش بكل المقومات. نحن اليوم أمام خيارين، إما الاستقرار الدائم الذي يشكل إفادة للجميع وإما الحرب التي ستشكل خسارة لكل الأطراف. أتمنى أن تنتهي هذه المرحلة الصعبة بالتوصل إلى الاستقرار الدائم، وإن شاء الله إن الأمور الميدانية لن تتطور.
وقال رداً على سؤال عن المبادرة الفرنسية قال: نحن نقدر المساعي الفرنسية لدعم لبنان، ولكننا لم نتبلغ من الجانب الفرنسي ورقة رسمية، بل ورقة أفكار طلبوا الإجابة عليها.
وعن الحملات التي يتعرض لها قال: أنا بصفتي رئيس حكومة لم أخض الانتخابات النيابية لئلا يقال إنني أتصرف شعبوياً، بل أعمل بما يرضي ضميري وقناعاتي وأتخذ القرارات المناسبة لمصلحة الدولة اللبنانية. ومن يريد الانتقاد فليفعل ما يشاء. هل أنا من يقرر في موضوع انتخاب رئيس الجمهورية؟ لينتخبوا رئيساً جديداً للجمهورية ويشكلوا الحكومة التي يرونها مناسبة.
وعما إذا كان راغباً في العودة إلى رئاسة الحكومة قال: الأمور مرهونة بأوقاتها.
وعن عودة الرئيس سعد الحريري قال: أتمنى أن يعود الرئيس الحريري إلى ممارسة العمل السياسي.
وعن الملف الاقتصادي قال: إن الخروج من الأزمة الراهنة ليس صعباً،علما أن ثلاث كوارث كبيرة حصلت في الوقت ذاته في لبنان في السنوات الأربع الأخيرة، وهي أزمة المصارف التي لم يحصل مثلها نسبة الى حجم الاقتصاد اللبناني، وانفجار مرفأ بيروت وجائحة كورونا.
يواجه لبنان تحديات كثيرة ونحن نبذل كل ما في وسعنا ليبقى صامداً ونضعه على سكة التعافي النهائي. عام 2022 اعددنا خطة للتعافي وارسلناها الى مجلس النواب، لكن للأسف لم يقرأها الا قلة من النواب. كما ارسلنا عدة اقتراحات قوانين عبر عدة نواب، لكن المجلس طلب إرسالها بصيغة مشاريع قوانين.
إن مشروع القانون الذي اعددناه وسيناقش الاسبوع المقبل في مجلس الوزراء يتعلق بـ"معالجة أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها"، يشكل أرضية للانطلاق منها لمعالجة الملف المالي.من المؤسف أن سياسة الحفاظ على النقد على مدى سنوات كلفت الخزينة عشرات مليارات الدولارات. المسؤولية عما حصل لا يتحملها المودع ولكننا أمام واقع علينا التعاطي معه لايجاد حل ضمن المنطق.أهم ما نحن في صدد درسه يتعلق بادارة موجودات الدولة غير المنتجة واصول الدولة. سنناقش الملف على طاولة مجلس الوزراء ونرسله إلى المجلس النيابي، حيث سيخضع للنقاش في اللجان وبالتشاور مع الحكومة ومصرف لبنان قبل صدور القانون الكفيل بايجاد حل منطقي ومقبول لهذه المعضلة . ومن يملك اقتراحاً افضل فليتفضل بطرحه، وأتمنى ان يعجل المجلس في بت هذا الملف وان يكون بته بالطريقة الفضلى لتحقيق الغاية المرجوة. الاسبوع المقبل سنعقد جلسة لمجلس الوزراء وقد بدات تردنا الملاحظات على المشروع وسنناقشها خلال الجلسة.
وعن ملاحظات صندوق النقد الدولي على المشروع قال: صندوق النقد الدولي لا يقبل بادارة اصول الدولة المنتجة، بل يؤيد إدارة أصول الدولة غير المنتجة لتصبح منتجة مما يغذي صندوق استرداد الودائع، واعتقد ان صندوق النقد ينظر إلى الأفكار المطروحة بعين ايجابية.
أضاف: التحدي الثاني الماثل امامنا يتمثل بمعالجة ملف الرواتب والأجور وزياد الانتاجية للعاملين والمتقاعدين في القطاع العام. العام 2019 كانت الموازنة العامة تبلغ 17 مليار دولار ثلثها رواتب واجور للقطاع العام، أما هذا العام فتبلغ الموازنة 3 مليارات و200 مليون دولار ثلثها رواتب وأجور. الموظفون والمتقاعدون حتما مطالبهم محقة ،ولكن الواقع امامنا يقتضي البحث الدقيق. خمسون في المئة من المتقاعدين تبلغ اعمارهم أقل من ستين عاماً،وهذه قنبلة موقوتة للمستقبل.
وعن إعادة هيكلة القطاع العام قال: من أصل 28 الف وظيفة عامة تنص عليها هيكلية الدولة هناك 7400 فقط حالياً وكل شهر يغادر منهم الف شخص من المدنيين والعسكريين. القطاع العام هو الاقل عدداً، والحوار المطلوب يتعلق بالاعداد الكبيرة للعسكريين والامنيين.
ورداً على سؤال قال: نحن حالياً في صدد معالجة الخلل وايجاد حل بين مختلف القطاعات من دون التسبب بأي ارتفاع في ارقام الموازنة. مصرف لبنان حدد سابقا سقفا للانفاق هو5800 مليار ليرة لبنانية للرواتب ، مع إمكان رفعه كحد اقصى حاليا الى 8500 مليار ليرة شهريا في ضوء التحسن في الايرادات. وضمن هذا الرقم نحن نعمل ونحاول توزيع الاضافات. حاليا تجري اجتماعات في وزارة الدفاع للجيش والقوى الامنية والعسكريين المتقاعدين وسيعاودون الاجتماع الخميس سعياً للوصول الى حل.
وقال : اذا كنا سنمنح زيادات على الرواتب والاجور من دون دراسة فستتكرر تجربة سلسلة الرتب والرواتب التي اعددناها واقرها مجلس النواب من دون المشاريع الاصلاحية التي كنا اعددناها ، فحصل ما حصل.
وسئل عن قوله ان البلد بدأ يتعافى فاجاب: هذا الكلام منطلقه ان حساب الخزينة رقم 36 في مصرف لبنان يتضمن ما يفوق ال130 ألف مليار ليرة لبنانية، وما يوازي مليار دولار أميركي بين "فريش ولولار".
ورداً على سؤال عن التأخر في اقرار قانون هيكلة المصارف قال: العام 2022 أعددنا خطة للتعافي الاقتصادي أرسلناها بصيغة اقتراح قانون تقدم به الوزير والنائب جورج بوشكيان، لكن مجلس النواب رفض الاطلاع عليه وطلب إرسال الخطة بصيغة مشروع قانون. أما القرار النهائي في هذا الملف رهن ما سيتم البت به في مجلس النواب.
وكان رئيس الحكومة استقبل وفداً من "جمعية الإعلاميين الاقتصاديين" برئاسة الزميلة سابين عويس وضم نائبي الرئيس بهيج أبو غانم وباسل الخطيب والأعضاء: عمر الراسي، وباتريسيا جلاد، وفيليب وحاجي بطرس، ورمزي منصور ، وبيار سعد، ونادين صموئيل، ونخلة عضيمي.
وتحدثت عويس فشكرت رئيس الحكومة على انفتاحه على الإعلام الاقتصادي في إطار الجهود التي يبذلها من أجل إشراك كل القطاعات في ورشة الإنقاذ واستعادة التعافي، آملة أن يولي الاقتصاد الأولوية بالتوازي مع الأولويتين السياسية والأمنية.
وجاء في مذكرة سلمتها الجمعية إلى رئيس الحكومة: إن الأولوية السياسية الكامنة في ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية تمهيداً لإعادة تكوين سلطة تنفيذية كاملة الصلاحيات، أو الأولوية الأمنية الرامية إلى تحصين الاستقرار الداخلي ومنع انزلاق لبنان إلى حرب موسعة من بوابته الجنوبية، يجب ألا تكونا على حساب أولوية وقف الانهيار الاقتصادي والاستنزاف المالي، الأمر الحاصل من خلال حال الإنكار لحجم وفداحة الأزمة على مستوى معيشة اللبنانيين ومستقبلهم، كما على مستوى عمل مؤسسات الدولة، الشريك الأساسي في قوى الانتاج.
هذه الاولوية يمكن أن تتجلى في ابسط الإجراءات والخطوات التي كان ولا يزال في الإمكان اتخاذها من خارج التعطيل السياسي، مثل وضع قانون موازنة إصلاحي يحاكي الواقع ويراعيه، ضمن رؤية اقتصادية واقعية بما يعكس تعاطياً جدياً مع الأزمة، أو مبادرة الدولة من موقعها السيادي إلى تحمل مسؤوليتها في هدر أموال اللبنانيين، على نحو يدفع باقي الشركاء في جريمة العصر إلى تحمل مسؤولياتهم، أي المصرف المركزي والمصارف، وحتى المودعين، ولا سيما الفئة المستفيدة من النفوذ والسلطة، بما يتيح استعادة زمام الأمور في تصحيح الخلل في ادارة الأزمة. والأمثلة كثيرة على الاجراءات الممكن اتخاذها من دون التأثير في معادلة القوة وحماية المكتسبات والمصالح السياسية.
أن اي خطوة او اجراء ترمي اليه الحكومة اليوم، وهي تستعد لتقديم قانون اصلاح الوضع المصرفي واستعادة التوازن المالي، لا يقترن في شكل اساسي بالعمل الجاد والحازم على استعادة الثقة الداخلية والخارجية، سيبقى ناقصاً ومفتقداً للتطبيق السليم الكفيل بتحقيق الاهداف المرجوة منه.
نتوجه إليك دولة الرئيس بدعوة صادقة للعمل الحثيث والجدي من اجل استعادة ثقة اللبنانيين اولاً بدولتهم، وثقة الخارج كذلك لأن لبنان لا يمكن ان يعيش وينمو ويزدهر خارج بيئته ومحيطه.
كما نناشدكم العمل على الافادة من التجربة الأليمة التي عاشها لبنان واللبنانيون ولا يزالون منذ اندلاع الأزمة قبل خمسة أعوام، لاستقاء العبر والبحث الجدي والعميق في دور لبنان وصلاحية نموذجه القائم وسط المتغيرات الهائلة التي تشهدها دول المحيط، وذلك بعد الضربات الممنهجة التي تلقاها لهذا الدور وذلك النموذج.
نحن ندرك، دولة الرئيس ان بلدنا الصغير في الحجم والاقتصاد قادر على نفض غبار الأزمة والخروج من جحيمها بأسرع من التوقعات. لكن المطلوب الخروج من حالة التكيف السلبي كما هي الحال اليوم من خلال ارساء نظرة أمل للمستقبل للجيل الجديد والأجيال المقبلة.