فضيحة بفضيحتين… وتوقيف متأخر لطبيب الإتجار بالأطفال

تنفجر اليوم واحدة من أبشع قضايا الإتجار بالبشر مع توقيف الطبيب النسائي جوزف أنطونيو فياض داخل مستوصف أبو مرعي في صيدا، في خطوة تكشف ليس فقط حجم الجريمة، بل حجم الإهمال أو الحماية التي سمحت له بالإفلات من العدالة لعام كامل رغم قرار ظنّي ومذكرة توقيف واضحة بحقه.

القضية ليست وليدة اليوم. ففياض كان أحد الأسماء الأساسية في ملف “قرية المحبة والسلام” عام 2024، حين أصدر قاضي التحقيق في جبل لبنان، زياد الدغيدي، قرارًا ظنيًا يُثبت تورّطه في شبكة منظّمة لبيع الأطفال حديثي الولادة عبر تزوير وثائق ولادة وقيود رسمية وتسجيل مواليد على أسماء غير أمهاتهم البيولوجيات. ورغم ذلك، بقي فياض الوحيد من أفراد الشبكة الذي لم يتم توقيفه، وكأن مذكرة التوقيف الصادرة بحقه مجرد ورقة لا قيمة لها.
هنا تتجلى الفضيحة الأولى: طبيب مُدان بقرار ظنّي بجناية الإتجار بالبشر يواصل ممارسة الطب علنًا في الجنوب، يعمل في مستشفيات ومستوصفات، يعالج نساء يسعين للحمل، فيما تشير شكاوى لاحقة إلى أنه كان يحقن بعضهنّ بإبر تلقيح منتهية الصلاحية، في استغلال مقزز لحالتهن النفسية والجسدية. كله يحدث بينما الأجهزة المعنية لم تنفذ المذكرة، ولم تُوقفه، ولم تحرك ساكنًا.

أما الفضيحة الثانية فهي التوقيف المتأخر الذي جاء اليوم فقط بعد متابعة من أمن الدولة، وكأنه لم يكن مطلوبًا منذ عام كامل. الأمر يفتح أسئلة موجعة: كيف لرجل متهم بجناية الإتجار بالأطفال، ومطلوب بمذكرة توقيف، أن يعمل بحرية طوال هذا الوقت؟ من حماه؟ من غضّ النظر؟ وهل نحن أمام إهمال إداري فاضح أم حماية متعمدة؟
توقيف فياض اليوم خطوة ضرورية، لكنها لا تُقفل الملف. فالقضية لم تعد مجرد جريمة فردية، بل مرآة لثغرات خطيرة في المنظومة القضائية والأمنية سمحت لمتهم بجريمة بحجم الإتجار بالأطفال بأن يبقى حرًا، وأن يواصل نشاطه بين الناس دون أن يلمسه أحد.
الأنظار تتجه الآن إلى ما ستكشفه التحقيقات: هل ستُحاسَب الجهات التي عطّلت تنفيذ القانون؟ هل سيجري كشف من وفّر الحماية؟ وهل ستكون هذه المرة فرصة حقيقية لإعادة الاعتبار للعدالة؟
القصة لم تنتهِ… وما سيأتي قد يكون أخطر