السائق المتعرّق يسأل الست الفوّاحة. الطالب المجتهد يسأل أستاذه الكسول.المريض يسأل الممرضة. الممرضة تسأل الجرّاح. الطبيب الجرّاح يسأل الوسّوف. سلطان الطرب يسأل ضابطاً متقاعداً. الضابط يسأل أمين حطيط أو من يعادله. أمين يسأل نفسه. الدكنجي وفي فمه سيجارة سيدرز يسأل الـ «باباز» القابض بين إصبعيه الوسطي والسبابة سيجاراً مطفأً. الصيدلاني وهو يغرز إبرة في قفا جرجي يسأل. الدجاجة الخوتة تسأل الديك البلا عقل. فتاة الـ»بيديكور» تسأل مدام «مينيكور. الخوري يسأل صاحب محل الراحة الأبدية على هامش دفن حاشد. المضيف يسأل الكابتن. لا جواب. الكابتن يتصل بمحمد الحوت أملاً في تبريد قلبه. صاحب محطة الوقود يسأل سائق وزير. الشوفور يسأل يد الوزير اليمنى. اليمنى تسأل اليسرى وصولا إلى أذن الوزير. صاحب المعالي يسأل صاحبة مرجع واسع الإطّلاع. صاحبة المرجع تسأل العارف بكل شيء. العارف يتصل بصِحافي (مع خوذة) طارحاً السؤال الصعب. الصحافي يسأل عنصراً من «الحزب». السؤال هو: شو شايف في حرب؟
كلما اجتمع لبنانيان في هذا الظرف العصيب (ظرف مكان وزمان) واحد منهما يسبق الآخر على هذا السؤال الكلاسيكي. في السوبر ماركت. في العيادة المزدحمة. في جلسات الـ «بوكر» المسائية، في صبحيات «اللقلقة». في أسواق شاتيلا. عند الكوافور توتو . في المطاعم. على قولة أحد أبطال مسرحية فيلم أميركي طويل» لزياد رحباني: «ما حدا فاهم شي من شي»
حتى وزير خارجية طهران حسين أمير عبد اللهيان إن سأله عبدالله بو حبيب: «شو يا حسين في حرب عنا؟» لن يكون بمقدوره الإجابة فوراً، سيتصل بمحمد رضا أشتياني وزير الدفاع، والوزير سيسأل القائد الأعلى لقوات الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، وبعد السلام سيسأل سلامي العميد اسماعيل قاآني قائد فيلق القدس وقاآني يسأل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية ، يحيل المرشد السؤال على اسماعيل هنية ، يسأل هنيّة الحاج محمد رعد، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة يسأل قائد النخبة في كتيبة الرضوان ويصل السؤال إلى سماحة السيد الذي يجيّره الى الشيخ نعيم. ويزيد الشيخ نعيم المبصر عماءً.
«في حرب أو ما في؟»
بربكم من يعلم؟
أمس سألتُ العصافير المطمئنة. وسألت الفجر والصمت وقطرات الندى على أغصان الزيتون وباقة من الفراشات من دون أن أحصل على جواب. ثم سألت هرّاً ضخماً مستلقياً على سطح سيارتي. في حرب؟ نظر الهر إليّ لثوان كأنه «يمخمخ» السؤال. هزّ برأسه إيجاباً وقفز متوارياً في الحديقة من دون الإدلاء بمزيد من المعلومات. السريّة واجب. الحرب كذلك.
المصدر: نداء الوطن