عكار تستفيق على حبل الموت، خنق تسعينية في فراشها يعرّي هشاشة الأمن

في الوقت الذي ينتظر فيه اللبنانيون بارقة أمل مع نهاية العام، استيقظت بلدة الشيخ محمد في عكار على مشهدٍ جنائزي مروع يختصر مأساة وطن. السيدة زهية عيد، التي ناهزت الـ 92 عاماً من العمر، لم تكن تعلم أن فراشها الذي قضت فيه عقوداً من السكينة سيتحول إلى مسرحٍ لجريمة غدر تجردت من كل معاني الإنسانية.
فقد عُثر على السيدة زهية صباح اليوم جثة هامدة في منزلها العائلي الواقع عند مفترق بلدة الشيخ محمد. وبحسب المعطيات الأولية، فإن القاتل استخدم حبلاً لإنهاء حياة الضحية خنقاً، تاركاً خلفه تساؤلات حارقة حول الدوافع التي تقف خلف قتل امرأة في هذا العمر المتقدم.
فور شيوع الخبر، حضرت القوى الأمنية وعناصر الأدلة الجنائية لمسح مكان الجريمة، بينما تولى فريق من الصليب الأحمر اللبناني نقل الجثة إلى مستشفى عبدالله الراسي الحكومي في حلبا، بانتظار تقرير الطبيب الشرعي الذي سيحسم تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياة فقيدة عكار.

لا يمكن قراءة جريمة مقتل السيدة زهية عيد كحدث عابر أو إشكال فردي، فهي تأتي في سياق عام يتسم بالانفلات الأمني المخيف الذي يشهده لبنان في عام 2025.
تشير الإحصاءات والتقارير الأمنية المسجلة حتى الربع الأخير من عام 2025 إلى أن معدلات الجريمة والقتل قد ارتفعت بنسبة تجاوزت 33% مقارنة بالأعوام السابقة. هذا الارتفاع ليس مجرد أرقام، بل هو دليل على انهيار منظومة الردع الاجتماعي والقانوني.
فالجريمة في لبنان بدأت تأخذ منحىً أكثر وحشية. فبعد أن كانت الجرائم ترتبط غالباً بالسرقات الكبرى أو النزاعات السياسية، نرى اليوم تحولاً نوعياً نحو استهداف النساء والأطفال وكبار السن داخل منازلهم. مقتل تسعينية خنقاً في عكار يعكس فقدان المجرمين لأي كود أخلاقي أو تخوف من السلطة، مما يشير إلى أن البيوت لم تعد حصوناً آمنة.
 غياب الخطط الحكومية الواضحة لمكافحة الجريمة المنظمة، وانشغال الأجهزة الأمنية بملفات الاستقرار السياسي على حساب الأمن الاجتماعي اليومي.
بالتالي، رغم التعود على الأزمة، إلا أن تداعياتها أنتجت جيلاً من المجرمين الذين يقتلون لأجل مبالغ زهيدة أو بدافع اليأس.
فقد تحولت البلدات والقرى إلى مخازن سلاح مفتوحة، حيث أصبح الحبل والسكين والمسدس أدوات متاحة للجميع لتصفية الحسابات أو السرقة، جريمة عكار هي صرخة في وجه المسؤولين. حيث ان الاستمرار في سياسة إحصاء الجثث بدلاً من منع الجريمة سيحول لبنان إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات والسرقات الموصوفة.
 المطلوب اليوم ليس فقط القبض على قاتل السيدة زهية، بل استعادة مفهوم الدولة الذي يبدو أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة تماماً كما فعلت ضحية عكار اليوم.