*لماذا الحرب على لبنان آتية حتما؟!*

*8 أنواع من الحصار على حزب الله!**سمير سكاف - كاتب ومحلل سياسي*

يطرد زمن الحرب القريب في لبنان زمن "الإعمار المستحيل"!

لا تغير اجتماعات لجنة الميكانيزم، ولا تعيين المفاوض المدني السفير سيمون كرم فيها، حقيقة أن لبنان ما يزال يرزح تحت الواقع الأمني المأزوم، والمتفجر قريباً!

وكل حديث عن تطور اقتصادي هو تضليل ذاتي أو حالة إنكار لحرب مدمرة ستضرب لبنان... في وقت غير بعيد، في مطلع السنة الجديدة على الأرجح!

ولا يهم موقف حزب الله من الموافقة على هذه المفاوضات من عدمها، لأنها قد تؤخر تجرع السم، ولكنها لا يمكنها التهرب منه!

فحزب الله الذي وافق على هذه المفاوضات بموقف رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري العلني، لن يأخذ موقفاً معادياً كبيراً منها! وإن كان لم ولن يوافق عليها صراحةً! وعبّر وسيستمر في التعبير ضدها علانيةً!

وسيستفيد الحزب من إطالة هذه "الهدنة"، تحت مسمى "اتفاق وقف إطلاق النار"، للاستمرار على العمل على تعزيز قدراته بعد الخسائر الهائلة التي تعرض لها العام الماضي.

وفي المنطق الاسرائيلي، وفي زمن "الامن الاسرائيلي" في منطقة الشرق الاوسط "الجديد"، لا أمان ولا سلام (بالمعنى الأمني وليس السياسي) إلا بالنار، وتحت النار. 

وأي مفاوضات تجري، ولو شكلية، لا يمكن أن تكون "عالبارد"! وقد جاء موقف الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الأخير مؤكداً ومدركاً لهذا التوجه!

في هذه الظروف، يحاول أصحاب الإيمان، الذين يؤمنون بالعجائب، تأكيد إمكانية أنه يمكن للبنان أن  يتجنب حرباً اسرائيلية ضده، وضد حزب الله على وجه الخصوص!

وهذه القراءة، التي يشارك فيها حزب الله ايضاً، تحتاج الى إحدى "العجيبتين"؛ أن يوافق حزب الله على تسليم سلاحه، أو ان توافق اسرائيل على احتفاظ حزب الله بسلاحه، ولو شمال الليطاني.

ويعتقد الأكثر واقعية، أو الأقل إيماناً أن أياً من هذين الأمرين لا يمكن أن يتحقق في الواقع. وهو ما يجعل منهما "مستحيلين"! وبالتالي، وبسبب تصادمهما أو تباعدهما فإن الحرب لا بد آتية!

حزب الله الذي يدرك استحالة هذين الأمرين يعيش حالة إنكار لحتمية وقوع هذه الحرب في حديث أمينه العام عن الذهاب الى التطور الاقتصادي وإعادة الإعمار!

الأميركيون، والاسرائيليون، وخصوم حزب الله، كل من جهته، يعملون على محاصرة حزب الله بشتى الطرق، لفرض "سلام" يُتوج بتوقيع لبنان على الاتفاقات الابراهمية على الأقل! 

ولا يقف الحصار، كما يطمح حزب الله، على الحدود الشمالية لجنوب الليطاني. ومن أوجه هذا الحصار:

1 - الحصار العسكري.
2 - الحصار اللوجيستي.
3 - الحصار البنيوي.
4 - الحصار التعبوي.
5 - الحصار المالي.
- منع كل وسائل التمويل.
- ملاحقة الممولين وفرض عقوبات عليهم.
- ضرب ومحاصرة مؤسسة القرض الحسن.
- محاولة منع وصول الحقائب المليئة بالدولارات "الكاش" من إيران.
6 - الحصار السياسي الدولي.
7 - الحصار السياسي الداخلي.
8 - الحصار الاجتماعي.
- منع إعادة الإعمار، خاصة للقرى الجنوبية.
- منع عودة الجنوبيين الى قراهم ومنازلهم.
- حرب الجرافات والحفارات التي تمنع إزالة الردم.
- الضغط على قدرات حزب الله الاجتماعية والتعليمية والاستشفائية "الخاصة"!

يحاول حزب الله من جهته كسب الوقت. 

لذلك، فهو مع تعرضه للغارات الجوية على عدد من مواقعه ومنشآته وقرى ومنازل بيئته، وعلى الرغم من تعرض قياداته العسكرية للاغتيال، وعلى رأسهم قائده العسكري الأعلى هيثم علي الطبطبائي، هو يرفض الرد كي لا يتورط في حرب لا يملك فيها الجهوزية الكافية بعد!

يدرك حزب الله صعوبة المواجهة، وصعوبة الرد على اسرائيل. وهو إذا كان يعتبر المفاوض المدني في لجنة الميكانيزم "سقطة إضافية" للحكومة، وتنازلاً لبنانياً جديداً من دون مقابل، يؤكد للداخل اللبناني إرادته بالوحدة وبمد اليد لمواجهة العدوان الاسرائيلي... ولكن من دون أي أفق لنزع السلاح.

تحذيرات حزب الله للداخل، الرافض للسلاح، تعزز رغبة خصومه في رفض السلاح، من أجل مصلحة لبنان، وليس من أجل مصلحة اسرائيل! وهذه النقطة هي في أساس المشكلة.

هل تسليم سلاح حزب الله للجيش اللبناني هو "سلام" أم "استسلام"؟! 

إن تباعد وجهات النظر الى حده الأقصى يزيد من الانقسام الداخلي. فحزب الله لا يعطي أملاً في التخلي عن السلاح، ولا الحكومة تحصل على مكاسب، ولو سياسية من أصدقائها، لوقف الاعتداءات الاسرائيلية المشروطة بنزع السلاح!

لا اسرائيل تريد الالتزام بوقف العدوان أولاً ولا حزب الله يريد نزع السلاح لا أولاً ولا ثانياً. والأفق المقفل لن يفتحه على الأرجح إلا تفجير كبير..!