لفت نقيب محرّري الصّحافة اللّبنانيّة جوزف القصيفي، خلال زيارته على رأس وفد من مجلس النّقابة، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، إلى "أنّنا نزوركم اليوم لا لتقديم التهنئة، لأن من تجند لخدمة لبنان في أسلاكه العسكرية والأمنية، إنما يؤدي واجباً وطنياً، وأفضل ما يمكن فعله له هو شد الأزر، والدعاء بأن يكلل الله سعيه بالتوفيق، ويفت في عضده لمواجهة الصعوبات المتراكمة في هذه الأحوال الاستثنائية التي تعصف بالبلاد".
من جهته، أشار البيسري ردّاً على القصيفي إلى أنه "توليتم قيادة المديرية العامة للأمن العام بعد إحالة المدير العام السابق اللواء عباس ابراهيم إلى التقاعد، وهو كان رجل المهمات الصعبة الذي كان يعاند الصعاب معالجاً الملفات الساخنة والأكثر خطورة. وها انتم تواصلون العمل وسط تعقيدات، واستحقاقات متداخلة يختلط فيها حابل السياسة بنابل الأمن، في مقارعة موضوعات لا تزال تشكل تحدياً وجودياً للبنان واللبنانيين، مثل موضوع النازحين السوريين الذي كان الأمن العام في طليعة المتصدين له، وكانت مبادرات على هذا الصعيد سجل فيها نقاطاً على الرغم من المعوقات والمطبات".
من جهةٍ ثانية، أكد القصيفي أنّه "كانت هناك مشكلات طارئة تتصل بالحصول على جوازات سفر، بسبب الأزمة المالية والروتين الإداري وتهافت الناس على الاستحواذ على جوازات ولو أنهم في غير حاجة إليها راهناً، وقد تمكنت المديرية من تجاوز الأمر بجهد جهيد"، متسائلًا: "ماذا نخبر اللبنانيين اليوم عما يقوم به الأمن العام على صعيد النازحين، وهل من تحرك لكم في هذا المجال: متى وكيف؟ وهل نطمئنهم أن أزمة الجوازات حلت ولا عودة لها؟ هل من جديد لدى المديرية في نطاق اختصاصها وصلاحياتها تقوله للمواطنين؟".
من جهته، أكّد اللواء البيسري أنّ "المديرية العامة للأمن العام تقوم بكامل مهامها على المستويات الأمنية والإدارية والسياسية، ونفخر بأنه، وبالرغم من كل الظروف التي تعيشها البلاد، ما زالت المديرية تقدم كامل الخدمات استناداً إلى المسؤوليات والصلاحيات المناطة بها، فيما عجزت وزارات ومؤسسات وهيئات رسمية عن القيام بمهامها"، لافتاً، في ملف جوازات السفر، إلى أنّ "جهوداً شخصية تبذل من أجل توفير هبة جديدة لتمويل تأمين جوازات سفر جديدة تعزز موجوداتنا الكافية. وما يشكو منه المواطنون، لا يعني فقداناً لجواز السفر، بل المشكلة تكمن في التهافت غير المسبوق من المواطنين على طلبات جوازات السفر كأنه بطاقة إئتمان، وهو ما شكّل ضغطاً كبيراً على الإدارة والمواطنين على السواء"، كاشفا أنّ "66% من الذين حصلوا على جوازات سفر لم يستعملوها".
وعن الوضع في الجنوب ونتائج زيارته الأسبوع الماضي الى قيادة "اليونيفيل" ولقاءه مع قائد القوّات أرولدو لازارو، شدّد البيسري على "أنّنا على تعاون وثيق ودائم مع قيادة اليونيفيل، لمتابعة كل جديد يطرأ في المنطقة، ونتابع سوياً كل الأحداث والتطورات الميدانية، لا سيما في ما يتعلق بتوثيق الخروقات البحرية والجوية والبرية التي يقوم بها جيش العدو. كذلك المساعدة على تمتين أواصر التعاون بين السكان اللبنانيين وقوات الأمم المتحدة في منطقة عملهم في الجنوب استنادا إلى القرار 1701"، موضحاً، بالنسبة لما يحصل على الخط الازرق، أنّ "هذا الخط هو خط انسحاب وليس حدوداً دولية، ونحن نُصرّ على الحؤول دون أي خرق او اعتداء، ولا سيما المحاولات الجارية لوضع اليد على الجزء اللبناني من بلدة الغجر وبعض تلال كفرشوبا، ونحن متمسكون بكامل حقوقنا"، مبيّنًا أنّ "الجيش والقوى الأمنية وقوات الأم المتحدة يقومون بواجباتهم بما يضمن حقوق لبنان كاملة، من دون التفريط بأي شبر من أراضينا".
كما أعلن البيسري في ما خصّ أزمة النازحين السوريين، أنّ "لبنان مُصرّ على الحصول على كامل "الداتا" الموجودة لدى "المفوضية السامية لشؤون النازحين- UNHCR"، ومن دون شروط، لأن هذا أمر يتعلق بحق الدولة اللبنانية وسيادة قرارها، وقد كان هذا رأيه الذي رفعه إلى السلطات الرسمية المعنية في هذا الشأن"، مشيراً إلى أنّ "من الأسباب الموجبة للحصول على الداتا، هو الحؤول دون التسبب بمشاكل إدارية وأمنية قد تحصل في المستقبل، لا سيما في ما يتعلق بتسجيل الولادات وعدم تحولّهم إلى "مكتومي قيد"، وما لهذا الملف من تداعيات خطيرة".
كما جزم أنّ "لبنان ليس بلد لجوء بل بلد عبور استناداً إلى الاتفاقية الموقعة بين لبنان ومنظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 2003. وسنقوم بكل ما يلزم لحماية مصالح لبنان واللبنانيين، والتعويض عن الخسائر التي لحقت بنا طيلة سنوات الأزمة على جميع المستويات"، معتبراً أن قرار البرلمان الأوروبي "قرار غير واقعي وغير ملزِم لأحد، وسنواجهه بكل الوسائل التي تحفظ مصلحة لبنان وشعبه. لن نستسلم لأي قرار يصدر ضد مصلحة لبنان، وباعتقادي أن البلاد لا تتحمل هكذا قرار"، لافتاً البيسري إلى أنّ "علينا ان ندرك ان الحلّ المضمون يتطلب تعاون وتضافر جهود ثلاث ركائز رئيسية هي لبنان، سوريا والمجتمع الدولي". ورأى أن "لا حلول إلا بإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، من خلال تقصير مهلة خلو سدة الرئاسة، وتنظيم العلاقات بين السلطات الدستورية واستقامة الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد".
أمّا عن الاتصالات مع الجانب السوري، فأفاد البيسري بأنها "مستمرة وفي أجواء من التعاون، ولمست خلال زيارتي إلى دمشق، أن لا مشكلة لدى السلطات السورية لأي عودة طوعية وآمنة للنازحين السوريين الموجودين في لبنان"، موضحاً أن "منذ انطلاق الأحداث في سوريا، بدأ السوريون يتوافدون بأعداد كبيرة إلى لبنان، فقامت حينها الـ"UNHCR" بتسجيلهم في سجلات خاصة بها. وفي العام 2015، وبناءً لطلب من الحكومة اللبنانية، توقفت المفوضية عن تسجيل أسماء جديدة لسوريين نازحين، وكان قد بلغ عددهم حسب بيانات الـ"UNHCR" نحو 800 ألف نازح"، مشيراً إلى أنه "لكن في الحقيقة، استمرت منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتسجيل أسماء جديدة من العام 2015 حتى اليوم على سجلات موازية، بحجة توزيع بعض المساعدات عليهم، وقد وصل العدد الإضافي إلى حوالي 700 ألف اسم".
وكشف البيسري أنّ "أعداد السوريين الذين غادروا عبر آلية العودة الطوعية والآمنة، المُنظمة من قبل الأمن العام اعتباراً من 30/11/2017 حتى اليوم، بلغ 21,706 سوريين، من بينهم 16,155 سورياً كانوا مسجلين بصفة نازح على لوائح "UNHCR". أما الذين غادروا بقرار ذاتي منهم، وتمت تسوية أوضاعهم على المعابر الحدودية، فبلغ عددهم 579,668 سورياً، من بينهم فقط 16,070 سورياً كانوا مسجلين بصفة نازح على لوائح "UNHCR".
ونوّه إلى أنّ "بعض هؤلاء الذين عادوا إلى سوريا، يقومون بالدخول إلى الأراضي اللبنانية بطرق شرعية وفقاً للتعليمات الصادرة عن الأمن العام. أما البعض الآخر منهم، للأسف، فيتنقل بين لبنان وسوريا بطرق غير شرعية عبر الحدوية البرية".